للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ زَعَمَ أَنَّ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} خِلَافَ مَا يَقَرُّ فِي نُفُوسِ الْعَامَّةِ فَهُوَ جهمي فَإِنَّ الَّذِي أَقَرَّهُ اللَّهُ فِي فِطَرِ عِبَادِهِ وَجَبَلَهُمْ عَلَيْهِ أَنَّ رَبَّهُمْ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ كَمَا {أَنْشَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

شَهِدْت بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ … وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الْكَافِرِينَا

وَأَنَّ الْعَرْشَ فَوْقَ الْمَاءِ طَافَ … وَفَوْقَ الْعَرْشِ رَبُّ الْعَالَمِينَا}

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ - الَّذِي أَجْمَعَتْ فِرَقُ الْأُمَّةِ عَلَى إمَامَتِهِ وَجَلَالَتِهِ حَتَّى قِيلَ: إنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَقِيلَ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَقَدْ أَخَذَ عَنْ عَامَّةِ عُلَمَاءِ وَقْتِهِ: مِثْلَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِي وَطَبَقَتِهِمْ - قِيلَ لَهُ: بِمَاذَا نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: بِأَنَّهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَة - الْمُلَقَّبُ إمَامُ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ مِمَّنْ يُعَرِّجُ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ بِمَا يَنْصُرُهُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَيَكَادُ يُقَالُ: لَيْسَ فِيهِمْ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُ -: مَنْ لَمْ يَقُلْ: إنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ باين مِنْ خَلْقِهِ: وَجَبَ أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَأُلْقِيَ عَلَى مَزْبَلَةٍ؛ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِنَتِنِ رِيحِهِ أَهْلُ الْمِلَّةِ وَلَا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَكَانَ مَالُهُ فَيْئًا. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ الْإِمَامُ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ