ثُمَّ إنْ قُرِنَتْ بِهِ قَرِينَةٌ تَبَيَّنَ الْمُرَادُ {كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَرَسِ أَبِي طَلْحَةَ: إنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا} وَقَوْلِهِ: {إنَّ خَالِدًا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ} {وَقَوْلِهِ لِعُثْمَانِ: إنَّ اللَّهَ يقمصك قَمِيصًا} وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ اسْتَلَمَهُ وَصَافَحَهُ فَكَأَنَّمَا بَايَعَ رَبَّهُ. أَوْ كَمَا قَالَ. وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَهَذَا اللَّفْظُ فِيهِ تَجَوُّزٌ؛ وَإِنْ كَانَ قَدْ ظَهَرَ مِنْ اللَّفْظِ مُرَادُ صَاحِبِهِ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ فِي اسْتِعْمَالِ هَذَا الْمُتَكَلِّمِ؟ لَا عَلَى الظَّاهِرِ فِي الْوَضْعِ الْأَوَّلِ وَكُلُّ مَنْ سَمِعَ هَذَا الْقَوْلَ عَلِمَ الْمُرَادَ بِهِ وَسَبَقَ ذَلِكَ إلَى ذِهْنِهِ لِاسْتِحَالَةِ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ نَصًّا؛ لَا مُحْتَمَلًا. وَلَيْسَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي هُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ فِي شَيْءٍ. وَهَذَا أَحَدُ مثارات غَلَطِ الغالطين فِي هَذَا الْبَابِ حَيْثُ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ وَأَنَّ اللَّفْظَ مُتَأَوَّلٌ. " النَّوْعُ الثَّانِي " مِنْ الْأَلْفَاظِ مَا فِي مَعْنَاهُ إضَافَةٌ: إمَّا بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى إضَافَةً مَحْضَةً: كَالْعُلُوِّ وَالسُّفُولِ وَفَوْقُ وَتَحْتُ. وَنَحْوِ ذَلِكَ. أَوْ أَنْ يَكُونَ مَعْنًى ثُبُوتِيًّا فِيهِ إضَافَةٌ: كَالْعِلْمِ وَالْحُبِّ وَالْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute