فَتَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ. فَفَرْقٌ بَيْنَ التَّعْلِيقَيْنِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقُرَبِ كَالنَّذْرِ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى الْمِلْكِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} وَالْعِتْقُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا بِالْمِلْكِ؛ وَلِهَذَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ. فَلَوْ قِيلَ: إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلنِّكَاحِ فَائِدَةٌ وَالْعُقُودُ الَّتِي لَا يَحْصُلُ بِهَا مَقْصُودُهَا بَاطِلَةٌ. فَلَمَّا فَرَّقَ أَحْمَد فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ اعْتَقَدَ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّ الْفَرْقَ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ وَذَلِكَ غَلَطٌ عَلَيْهِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ يَتَنَوَّعُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ؛ أَوْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ نَفَعَهُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَإِذَا قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ. فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كَأَبِي مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْبَرَكَاتِ - هُنَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: بَلْ الرِّوَايَتَانِ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ وَفِي صِيغَةِ التَّعْلِيقِ؛ وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَد؛ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ؛ فَإِنَّ لَهُمْ فِي النَّوْعَيْنِ قَوْلَيْنِ فَإِذَا كَانَ أَحْمَد فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَلِف بِالْعِتْقِ سَوَاءٌ كَانَ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ أَوْ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ - لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ الْمُكَفِّرَةِ. قَالَ فِي رِوَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute