كَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ. وَذَلِكَ غَلَطٌ عَلَى أَحْمَد. وَأَبُو طَالِبٍ لَهُ أَحْيَانًا غَلَطَاتٌ فِي فَهْمِ مَا يَرْوِيه: هَذَا مِنْهَا. وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ أَحْمَد مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ: فَهَذَا نَقَلَهُ عَنْ أَحْمَد غَيْرُ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ ثِقَةٌ وَالْغَالِبُ عَلَى رِوَايَتِهِ الصِّحَّةُ؛ وَلَكِنْ رُبَّمَا غَلِطَ فِي اللَّفْظِ. فَأَمَّا نَقْلُهُ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيمَا يُكَفِّرُ فَلَمْ يَغْلَطْ فِيهِ؛ بَلْ نَقَلَهُ كَمَا نَقَلَهُ غَيْرُهُ. قَالَ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَلَيْسَ قَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ حِينٍ؟ قَالَ: إنَّمَا هَذَا فِي الْقَوْلِ؛ لَيْسَ فِي الْيَمِينِ؛ كَانَ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إنَّمَا هَذَا فِي الْقَوْلِ؛ لَيْسَ فِي الْيَمِينِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزًا فِيمَا تَكُونُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا يَكْفُرُ. فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ فَإِذَا كَانَ قَدْ نَصَّ مَعَ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ فِيمَا إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَزِمَهُ إجْرَاءُ الْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ مُقْتَضَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} إلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ} فَجَعَلَ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ فِي عَقْدِ الْيَمِينِ مُطْلَقًا وَجَعَلَ ذَلِكَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ إذَا حَلَفْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute