للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا وَلَا هَذَا؛ وَلِهَذَا يَحْلِفُ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ تَارَةً. وَبِصِيغَةِ الْقَسَمِ أُخْرَى. مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ الْحَجُّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا أَوْ عَلَيَّ الْعِتْقُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا. وَهَذَا حُجَّةُ مَنْ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ فِي الْعِتْقِ وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ: سَافِرْ. فَقَالَ: عَلَيْهِ الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ لَا يَفْعَلُ كَذَا أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَعَبْدُهُ حُرٌّ أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ: فَقَصْدُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ وَلَا الْجَزَاءُ: فَهُوَ حَالِفٌ بِذَلِكَ؛ لَا مُوقِعَ لَهُ. قَالُوا: وَهَذَا الْحَالِفُ الْتَزَمَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فَهُوَ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ إيقَاعَهُ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ أَوْ أُطَلِّقَ. وَلَوْ قَالَ هَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ؛ لَكِنْ فِي وُجُوبِ الْإِعْتَاقِ قَوْلَانِ. فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ؛ لَكِنْ الشَّافِعِيُّ يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ يُعْتِقْ وَلَا يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ يُطَلِّقْ. فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. وَأَحْمَد يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ فِيهِمَا عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ إذَا لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الْمَشْهُورِ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ. وَمَذْهَبُ أَحْمَد الْمَشْهُورُ: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. قَالَ هَؤُلَاءِ: الْتِزَامُهُ الْوُقُوعَ كَالْتِزَامِهِ الْكُفْرَ؛ وَلَوْ الْتَزَمَهُ لَمْ يَكْفُرْ بِالِاتِّفَاقِ؛ بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي إحْدَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ.