" أَحَدُهَا " أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَتَّى اعْتَقَدَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ إجْمَاعٌ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ عَامَّتُهُمْ عَلَيْهِ حُجَّةً وَحُجَّتُهُمْ عَلَيْهِ ضَعِيفَةٌ جِدًّا وَهِيَ: أَنَّهُ الْتَزَمَ أَمْرًا عِنْدَ وُجُودِ شَرْطٍ فَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ. وَهَذَا مَنْقُوضٌ بِصُوَرِ كَثِيرَةٍ وَبَعْضُهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ: كَنَذْرِ الطَّلَاقِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْمُبَاحِ وَكَالْتِزَامِ الْكُفْرِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ؛ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يُقَاسُ بِهِ إلَّا وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ فِي الشَّرْعِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٌ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مُوجِبُ الْعَقْدِ لُزُومَ مَا الْتَزَمَهُ صَارَ يَظُنُّ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ لَازِمٌ وَهَذَا يُوَافِقُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ مُوجِبَةً وَمُحَرَّمَةً كَمَا يُقَالُ: إنَّهُ كَانَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا. لَكِنْ نَسَخَ هَذَا شَرْعُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَضَ لِلْمُسْلِمِينَ تَحِلَّةَ أَيْمَانِهِمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَنْ يُحِلُّوا عَقْدَ الْيَمِينِ بِمَا فَرَضَهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بِلَا رَيْبٍ؛ إلَّا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ يُرْوَى عَنْ شريح وَيُذْكَرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَد فِيمَا إذَا قَدَّمَ الطَّلَاقَ. وَإِذَا قِيلَ: يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ؛ فَإِنْ نَوَى بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ تَوْكِيدَ الْأُولَى - لَا إنْشَاءَ يَمِينٍ أُخْرَى - لَمْ يَقَعْ بِهِ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ؛ وَإِنْ أَطْلَقَ وَقَعَ بِهِ ثَلَاثٌ وَقِيلَ: لَا يَقَعُ بِهِ إلَّا وَاحِدَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute