للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْحَالِفُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فَلَهُ أَنْ يُوقِعَهُ وَلَا كَفَّارَةَ. وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: كَطَاوُوسِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَنْقُولِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِهِ يُفْتِي كَثِيرٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى يُقَالَ: إنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ مَنْ يُفْتِي بِذَلِكَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى نُصُوصِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأُصُولُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَإِذَا كَرَّرَ الْيَمِينَ الْمُكَفِّرَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ: فَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؟ أَوْ كَفَّارَاتٌ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. أَشْهَرُهُمَا عَنْهُ تَجْزِيه كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ حَكَاهَا ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ فِي الْحَلِف بِالطَّلَاقِ كَمَا حَكَوْهَا فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِهِمَا فَإِذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ: فَفِيهَا الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ؛ لَكِنْ هُنَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ كَمَا قَالُوا ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ. فَيَصِحُّ نَذْرُهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ. وَرَوَوْهُ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ.