للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ نِسْوَةٌ يَطَأَهُنَّ وَأَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طِفْلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ؛ وَلِهَذَا لَمَّا سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: اللِّقَاحُ وَاحِدٌ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي الْقُعَيْسِ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ. وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ أَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ امْرَأَةُ أَبِيهِ؛ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا أُمُّ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَلَيْسَتْ أُمَّهُ وَلَا امْرَأَةَ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ زَوْجَهَا صَاحِبَ اللَّبَنِ لَيْسَ أَبًا لِهَذَا؛ لَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الرَّضَاعَةِ. فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ} " وَأُمُّ أَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ حَرَامٌ فَكَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ. قُلْنَا: هَذَا تَلْبِيسٌ وَتَدْلِيسٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقُلْ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُ أَخَوَاتِكُمْ؛ وَإِنَّمَا قَالَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فَحَرَّمَ عَلَى الرَّجُلِ أُمَّهُ وَمَنْكُوحَةَ أَبِيهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمَّهُ. وَهَذِهِ تَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَلَا يَتَزَوَّجُ أُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ. وَأَمَّا مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ أَنَّهَا تَحْرُمُ؛ لَكِنْ فِيهَا نِزَاعٌ لِكَوْنِهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ بِالصِّهْرِ؛ لَا بِالنَّسَبِ وَالْوِلَادَةِ. وَلَيْسَ الْكَلَامُ هُنَا فِي تَحْرِيمِهَا فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ: تَحْرُمُ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَفَّيْنَا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا أُمُّ أَخِيهِ الَّتِي لَيْسَتْ أُمًّا وَلَا مَنْكُوحَةَ أَب: فَهَذِهِ لَا تُوجَدُ فِي