للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قِيَاسٌ أَقْبَحُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْمَسْجِدِ. وَزُفَرُ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْإِمْعَانِ فِي طَرْدِ قِيَاسِهِ إلَى الْأَصْلِ الثَّابِتِ فِي الَّذِي قَاسَ عَلَيْهِ وَمِنْ عِلَّةِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ " وَهُوَ جَوَابُ سُؤَالِ الْمُطَالَبَةِ ". فَمَنْ أَحْكَمَ هَذَا الْأَصْلَ اسْتَقَامَ قِيَاسُهُ. كَمَا أَنَّ زُفَرَ اعْتَقَدَ أَنَّ النِّكَاحَ إلَى أَجَلٍ يَبْطُلُ فِيهِ التَّوْقِيتُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ لَازِمًا. وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ قَوْلًا فِي مَذْهَبِ أَحْمَد فَكَانَ مَضْمُونُ هَذَا الْقَوْلِ: أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ يَصِحُّ لَازِمًا غَيْرَ مُوَقَّتٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ وَخِلَافُ إجْمَاعِ السَّلَفِ. وَالْأُمَّةُ إذَا اخْتَلَفَتْ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ إحْدَاثُ قَوْلٍ يُنَاقِضُ الْقَوْلَيْنِ وَيَتَضَمَّنُ إجْمَاعَ السَّلَفِ عَلَى الْخَطَأِ وَالْعُدُولِ عَنْ الصَّوَابِ؛ وَلَيْسَ فِي السَّلَفِ مَنْ يَقُولُ فِي الْمُتْعَةِ إلَّا أَنَّهَا بَاطِلَةٌ أَوْ تَصِحُّ مُؤَجَّلَةً. فَالْقَوْلُ بِلُزُومِهَا مُطْلَقٌ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ: وَسَبَبُ هَذَا الْقَوْلِ اعْتِقَادُهُمْ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ لَازِمًا مَعَ إبْطَالِ شَرْطِ التَّحْلِيلِ. وَأَمْثَالَ ذَلِكَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفُّوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ} " فَدَلَّ النَّصُّ عَلَى أَنَّ الْوَفَاءَ بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ أَوْلَى مِنْهُ بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ؛ فَإِذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الْبَيْعِ لَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ بِدُونِهَا؛ بَلْ إمَّا أَنْ يَبْطُلَ الْعَقْدُ وَإِمَّا أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِمَنْ فَاتَ غَرَضُهُ بِالِاشْتِرَاطِ إذَا بَطَلَ الشَّرْطُ فَكَيْفَ بِالْمَشْرُوطِ فِي النِّكَاحِ: وَأَصْلُ " عُمْدَتِهِمْ " كَوْنُ النِّكَاحِ يَصِحُّ بِدُونِ تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ كَمَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فَقَاسُوا الَّذِي يُشْرَطُ فِيهِ نَفْيُ الْمَهْرِ