فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ أَشْرِبَةٍ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ كَالْمِزْرِ وَغَيْرِهِ فَأَجَابَهُمْ بِكَلِمَةِ جَامِعَةٍ وَقَاعِدَةٍ عَامَّةٍ: {إنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ} وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ أَرَادَ كُلَّ شَرَابٍ كَانَ جِنْسُهُ مُسْكِرًا حَرَامٌ سَوَاءٌ سَكِرَ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَسْكَرْ كَمَا فِي خَمْرِ الْعِنَبِ. وَلَوْ أَرَادَ بِالْمُسْكِرِ الْقَدَحَ الْأَخِيرَ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ الشَّرَابُ كُلُّهُ حَرَامًا؛ وَلَكَانَ بَيَّنَ لَهُمْ؛ فَيَقُولُ اشْرَبُوا مِنْهُ وَلَا تَسْكَرُوا. وَلِأَنَّهُ {سَأَلَهُمْ عَنْ الْمِزْرِ أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ. كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ} . فَلَمَّا سَأَلَهُمْ " أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ " إنَّمَا أَرَادَ يُسْكِرُ كَثِيرُهُ كَمَا يُقَالُ. الْخُبْزُ يُشْبِعُ؛ وَالْمَاءُ يَرْوِي وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الرَّيُّ وَالشِّبَعُ بِالْكَثِيرِ مِنْهُ لَا بِالْقَلِيلِ. كَذَلِكَ الْمُسْكِرُ إنَّمَا يَحْصُلُ السُّكْرُ بِالْكَثِيرِ مِنْهُ فَلَمَّا قَالُوا لَهُ: هُوَ مُسْكِرٌ. قَالَ: {كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ} فَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُسْكِرِ كَمَا يُرَادُ بِالْمُشْبِعِ وَالْمُرْوِي وَنَحْوِهِمَا وَلَمْ يُرِدْ آخِرَ قَدَحٍ؛ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ؛ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ} وَفِي لَفْظٍ: {كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ} وَمَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْقَدَحِ الْأَخِيرِ لَا يَقُولُ: إنَّهُ خَمْرٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامًا. وَفِي السُّنَنِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ. قَالَ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ مِنْ الْحِنْطَةِ خَمْرًا وَمِنْ الشَّعِيرِ خَمْرًا وَمِنْ الزَّبِيبِ خَمْرًا وَمِنْ الْعَسَلِ خَمْرًا} وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute