للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا الْخَمْرُ الَّتِي هِيَ عَصِيرُ الْعِنَبِ الَّذِي إذَا غَلَا وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ فَيَحْرُمُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ نَقَلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إبَاحَةَ قَلِيلِ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ؛ بَلْ مَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَلَوْ اسْتَحَلَّ شُرْبَ الْخَمْرِ بِنَوْعِ شُبْهَةٍ وَقَعَتْ لِبَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهَا إنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى الْعَامَّةِ؛ لَا عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ؛ فَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ كَعُمَرِ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّ مُسْتَحِلَّ ذَلِكَ يُسْتَتَابُ فَإِنْ أَقَرَّ بِالتَّحْرِيمِ جُلِدَ وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى اسْتِحْلَالِهَا قُتِلَ. بَلْ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُحَرِّمُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ مِنْ أَشْرِبَةٍ أُخَرَ: وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهَا خَمْرًا كَنَبِيذِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ النَّيْءِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عِنْدَهُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ إذَا كَانَ مُسْكِرًا وَكَذَلِكَ الْمَطْبُوخُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ ثُلُثَاهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عِنْدَهُ قَلِيلُهُ إذَا كَانَ كَثِيرُهُ يُسْكِرُ. فَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعَةُ تَحْرُمُ عِنْدَهُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ مِنْهَا. وَإِنَّمَا وَقَعَتْ " الشُّبْهَةُ " فِي سَائِرِ الْمُسْكِرِ كَالْمِزْرِ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْ الْقَمْحِ وَنَحْوِهِ: فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ {أَهْلَ الْيَمَنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عِنْدَنَا شَرَابًا يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ مِنْ الْعَسَلِ؛ وَشَرَابًا مِنْ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ فَهُوَ حَرَامٌ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ