للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجُوزُ تَسْمِيَةُ مَنْ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ " خُلَفَاءَ " وَإِنْ كَانُوا مُلُوكًا؛ وَلَمْ يَكُونُوا خُلَفَاءَ الْأَنْبِيَاءِ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {كَانَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ يَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ؛ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ؛ ثُمَّ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ} . فَقَوْلُهُ: " فَتَكْثُرُ " دَلِيلٌ عَلَى مَنْ سِوَى الرَّاشِدِينَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَثِيرًا. وَأَيْضًا قَوْلُهُ: {فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ} دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ؛ وَالرَّاشِدُونَ لَمْ يَخْتَلِفُوا. وَقَوْلُهُ: {فَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ} دَلِيلٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ فِي إعْطَاءِ الْأُمَرَاءِ حَقَّهُمْ؛ مِنْ الْمَالِ وَالْمَغْنَمِ. وَقَدْ ذَكَرْت فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ مَصِيرَ الْأَمْرِ إلَى الْمُلُوكِ وَنُوَّابِهِمْ مِنْ الْوُلَاةِ؛ وَالْقُضَاةِ وَالْأُمَرَاءِ لَيْسَ لِنَقْصِ فِيهِمْ فَقَطْ بَلْ لِنَقْصِ فِي الرَّاعِي وَالرَّعِيَّةِ جَمِيعًا؛ فَإِنَّهُ " كَمَا تَكُونُونَ: يُوَلَّى عَلَيْكُمْ " وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا} وَقَدْ اسْتَفَاضَ وَتَقَرَّرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَا قَدْ أَمَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ؛ وَمُنَاصَحَتِهِمْ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِمْ فِي حُكْمِهِمْ وَقَسْمِهِمْ؛ وَالْغَزْوِ مَعَهُمْ وَالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ وَنَحْوَ ذَلِكَ