وَهَكَذَا " مَسْأَلَةُ التَّرْكِ " كَمَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا وَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ إلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَنَحْوُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ. " وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ " إذَا كَانَ يُمْكِنُ فِعْلُ الْحَسَنَاتِ بِلَا سَيِّئَةٍ؛ لَكِنْ بِمَشَقَّةِ لَا تُطِيعُهُ نَفْسُهُ عَلَيْهَا أَوْ بِكَرَاهَةِ مِنْ طَبْعِهِ بِحَيْثُ لَا تُطِيعُهُ نَفْسُهُ إلَى فِعْلِ تِلْكَ الْحَسَنَاتِ الْكِبَارِ الْمَأْمُورِ بِهَا إيجَابًا أَوْ اسْتِحْبَابًا إنْ لَمْ يَبْذُلْ لِنَفْسِهِ مَا تُحِبُّهُ مِنْ بَعْضِ الْأُمُورِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا الَّتِي إثْمُهَا دُونَ مَنْفَعَةِ الْحَسَنَةِ فَهَذَا الْقِسْمُ وَاقِعٌ كَثِيرًا: فِي أَهْلِ الْإِمَارَةِ وَالسِّيَاسَةِ وَالْجِهَادِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَلَامِ؛ وَأَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالتَّصَوُّفِ وَفِي الْعَامَّةِ. مِثْلُ مَنْ لَا تُطِيعُهُ نَفْسُهُ إلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْإِمَارَةِ - مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَأَمْنِ السُّبُلِ وَجِهَادِ الْعَدُوِّ وَقِسْمَةِ الْمَالِ - إلَّا بِحُظُوظِ مَنْهِيٍّ عَنْهَا مِنْ الِاسْتِئْثَارِ بِبَعْضِ الْمَالِ؛ وَالرِّيَاسَةِ عَلَى النَّاسِ وَالْمُحَابَاةِ فِي الْقَسْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشَّهَوَاتِ وَكَذَلِكَ فِي الْجِهَادِ: لَا تُطِيعُهُ نَفْسُهُ عَلَى الْجِهَادِ إلَّا بِنَوْعِ مِنْ التَّهَوُّرِ. وَفِي الْعِلْمِ لَا تُطِيعُهُ نَفْسُهُ عَلَى تَحْقِيقِ عِلْمِ الْفِقْهِ وَأُصُولِ الدِّينِ إلَّا بِنَوْعِ مِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مِنْ الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ. وَلَا تُطِيعُهُ نَفْسُهُ عَلَى تَحْقِيقِ عِلْمِ الْعِبَادَةِ الْمَشْرُوعَةِ وَالْمُعَرَّفَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا إلَّا بِنَوْعِ مِنْ الرَّهْبَانِيَّةِ. فَهَذَا الْقِسْمُ كَثُرَ فِي دُوَلِ الْمُلُوكِ؛ إذْ هُوَ وَاقِعٌ فِيهِمْ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ أُمَرَائِهِمْ وَقُضَاتِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ وَعُبَّادِهِمْ. أَعْنِي أَهْلَ زَمَانِهِمْ. وَبِسَبَبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute