وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي اقْتِرَانَ الْوَصْفَيْنِ وَالْحِلْمُ هُوَ مُنَاسِبٌ لِلصَّبْرِ الَّذِي هُوَ خُلُقُ الذَّبِيحِ. وَإِسْمَاعِيلُ وُصِفَ بِالصَّبْرِ فِي قَوْله تَعَالَى. {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ} وَهَذَا أَيْضًا وَجْهٌ ثَالِثٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الذَّبِيحِ: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ إسْمَاعِيلَ أَنَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ وَوَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى إسْمَاعِيلَ أَيْضًا بِصِدْقِ الْوَعْدِ فِي قَوْله تَعَالَى {إنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} لِأَنَّهُ وَعَدَ أَبَاهُ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ عَلَى الذَّبْحِ فَوَفَّى بِهِ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْبِشَارَةَ بِإِسْحَاقِ كَانَتْ مُعْجِزَةً؛ لِأَنَّ الْعَجُوزَ عَقِيمٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونِ} وَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: {أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْبِشَارَةَ بِإِسْحَاقِ فِي حَالِ الْكِبَرِ وَكَانَتْ الْبِشَارَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ إبْرَاهِيمَ وامرأته. وَأَمَّا الْبِشَارَةُ بِالذَّبِيحِ فَكَانَتْ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَامْتُحِنَ بِذَبْحِهِ دُونَ الْأُمِّ الْمُبَشَّرَةِ بِهِ وَهَذَا مِمَّا يُوَافِقُ مَا نُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ: مِنْ أَنَّ إسْمَاعِيلَ لَمَّا وَلَدَتْهُ هَاجَرُ غَارَتْ سارة فَذَهَبَ إبْرَاهِيمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute