بَيْنَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرُّسُلَ وَمَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ " رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا " وَهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ هَؤُلَاءِ العبيديين ذُرِّيَّةِ " عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ ". فَهَلْ يُنْكِرُ أَحَدٌ مِمَّنْ يَعْرِفُ دِينَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْيَهُودِ أَوْ النَّصَارَى: أَنَّ مَا يَقُولُهُ أَصْحَابُ " رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا " مُخَالِفٌ لِلْمِلَلِ الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعُلُومِ الرِّيَاضِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ وَبَعْضِ الْمَنْطِقِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ وَعُلُومِ الْأَخْلَاقِ وَالسِّيَاسَةِ وَالْمَنْزِلِ مَا لَا يُنْكَرُ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ الرُّسُلِ فِيمَا أَخْبَرَتْ بِهِ وَأَمَرَتْ بِهِ وَالتَّكْذِيبُ بِكَثِيرِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ وَتَبْدِيلُ شَرَائِعِ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ بِمَا لَا يَخْفَى عَلَى عَارِفٍ بِمِلَّةِ مِنْ الْمِلَلِ. فَهَؤُلَاءِ خَارِجُونَ عَنْ الْمِلَلِ الثَّلَاثِ. وَمِنْ أَكَاذِيبِهِمْ وَزَعْمِهِمْ: أَنَّ هَذِهِ " الرَّسَائِلَ " مِنْ كَلَامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ. وَالْعُلَمَاءُ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا إنَّمَا وُضِعَتْ بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ زَمَانَ بِنَاءِ الْقَاهِرَةِ وَقَدْ ذَكَرَ وَاضِعُهَا فِيهَا مَا حَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ اسْتِيلَاءِ النَّصَارَى عَلَى سَوَاحِلِ الشَّامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْحَوَادِثِ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ. وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ بِنَاءِ الْقَاهِرَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ؛ إذْ الْقَاهِرَةُ بُنِيَتْ حَوْلَ السِّتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ كَمَا فِي " تَارِيخِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ ". وَيُقَالُ: إنَّ ابْتِدَاءَ بِنَائِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَأَنَّهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ قَدِمَ " مَعْدُ بْنُ تَمِيمٍ " مِنْ الْمَغْرِبِ وَاسْتَوْطَنَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute