وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} ثُمَّ قَالَ: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} وَهَذَا التَّفْرِيقُ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ السُّجُودَ لِمُجَرَّدِ مَا فِيهَا مِنْ الدِّلَالَةِ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ؛ إذْ هَذِهِ الدِّلَالَةُ؛ يَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ؛ فَجَمِيعُ النَّاسِ فِيهِمْ هَذِهِ الدِّلَالَةُ؛ وَهُوَ قَدْ فَرَّقَ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلٌ زَائِدٌ مِنْ جِنْسِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَيَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ الْكَافِرِ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَ ذَلِكَ قَدْ جَعَلَ فِيهَا مَنَافِعَ لِعِبَادِهِ وَسَخَّرَهَا لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} وَقَالَ: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} وَقَالَ: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} وَمِنْ مَنَافِعِهَا الظَّاهِرَةِ مَا يَجْعَلُهُ سُبْحَانَهُ بِالشَّمْسِ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَنِضَاجِ الثِّمَارِ وَخَلْقِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْمَعَادِنِ؛ وَكَذَلِكَ مَا يَجْعَلُهُ بِهَا لَهُمْ مِنْ التَّرْطِيبِ وَالتَّيْبِيسِ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْمَشْهُودَةِ كَمَا جَعَلَ فِي النَّارِ الْإِشْرَاقَ وَالْإِحْرَاقَ وَفِي الْمَاءِ التَّطْهِيرَ وَالسَّقْيَ وَأَمْثَالَ ذَلِكَ مِنْ نِعَمِهِ الَّتِي يَذْكُرُهَا فِي كِتَابِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا} وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ يَجْعَلُ حَيَاةَ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ بِبَعْضِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} وَكَمَا قَالَ: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute