وَلَا عَلَّمَهُ وَإِضَافَةُ ذَلِكَ إلَى بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ كَإِضَافَةِ مَنْ أَضَافَ ذَلِكَ إلَى سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَالطَّيْرَ؛ فَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِأَنْوَاعِ مِنْ السِّحْرِ حَتَّى إنَّ طَوَائِفَ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَا يَجْعَلُونَهُ نَبِيًّا حَكِيمًا فَنَزَّهَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} الْآيَةُ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْحَوَادِثِ بِمَا يَسْتَدِلُّونَ بِهِ مِنْ الْحَرَكَاتِ الْعُلْوِيَّةِ وَالِاخْتِيَارَاتِ لِلْأَعْمَالِ: هَذَا كُلُّهُ يُعْلِمُ قَطْعًا أَنَّ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يُؤْمَرْ قَطُّ بِهَذَا؛ إذْ فِيهِ مِنْ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ مَا يُنَزَّهُ عَنْهُ الْعُقَلَاءُ الَّذِينَ هُمْ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ بِكَثِيرِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا قَالَ إمَامُ هَؤُلَاءِ وَمُعَلِّمُهُمْ الثَّانِي " أَبُو نَصْرٍ الْفَارَابِيُّ " قَالَ مَا مَضْمُونُهُ: إنَّك لَوْ قَلَبْت أَوْضَاعَ الْمُنَجِّمِينَ؛ فَجَعَلْت مَكَانَ السَّعْدِ نَحْسًا وَمَكَانَ النَّحْسِ سَعْدًا أَوْ مَكَانَ الْحَارِّ بَارِدًا أَوْ مَكَانَ الْبَارِدِ حَارًّا أَوْ مَكَانَ الْمُذَكَّرِ مُؤَنَّثًا أَوْ مَكَانَ الْمُؤَنَّثِ مُذَكَّرًا وَحَكَمْت: لَكَانَ حُكْمُك مِنْ جِنْسِ أَحْكَامِهِمْ يُصِيبُ تَارَةً وَيُخْطِئُ أُخْرَى. وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَهُمْ يُنَزِّهُونَ عَنْهُ بقراط وَأَفْلَاطُونَ وَأَرِسْطُو وَأَصْحَابَهُ الْفَلَاسِفَةَ الْمَشَّائِينَ الَّذِينَ يُوجَدُ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ الْبَاطِلِ وَالضَّلَالِ نَظِيرُ مَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ فَإِذَا كَانُوا يُنَزِّهُونَ عَنْهُ هَؤُلَاءِ الصَّابِئِينَ وَأَنْبِيَاءَهُمْ الَّذِينَ أَقَلُّ نِسْبَةً وَأَبْعَدُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: فَكَيْفَ يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إلَى نَبِيٍّ كَرِيمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute