يَعْقِدُونَ الْبَيْعَةَ كَمَا يَعْقِدُونَ عَقْدَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهَا. وَإِمَّا أَنْ يَذْكُرُوا الشُّرُوطَ الَّتِي يُبَايِعُونَ عَلَيْهَا؛ ثُمَّ يَقُولُونَ: بَايَعْنَاك عَلَى ذَلِكَ كَمَا بَايَعَتْ الْأَنْصَارُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ. فَلَمَّا أَحْدَثَ الْحَجَّاجُ مَا أَحْدَثَ مِنْ الْعَسْفِ كَانَ مِنْ جُمْلَتِهِ أَنَّ حَلِفَ النَّاسِ عَلَى بَيْعِهِمْ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَصَدَقَةِ الْمَالِ. فَهَذِهِ الْأَيْمَانُ الْأَرْبَعَةُ هِيَ كَانَتْ أَيْمَانَ الْبَيْعَةِ الْقَدِيمَةِ الْمُبْتَدَعَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ الْمُسْتَخْلَفُونَ عَنْ الْأُمَرَاءِ مِنْ الْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ أَيْمَانًا كَثِيرَةً أَكْثَرَ مِنْ تِلْكَ وَقَدْ تَخْتَلِفُ فِيهَا عَادَاتُهُمْ؛ وَمَنْ أَحْدَثَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ إثْمُ مَا تَرَتَّبَ عَلَى هَذِهِ الْأَيْمَانِ مِنْ الشَّرِّ.
" الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ " أَنَّ هَذِهِ الْأَيْمَانَ يُحْلَفُ بِهَا تَارَةً بِصِيغَةِ الْقَسَمِ وَتَارَةً بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ؛ لَا يُتَصَوَّرُ أَنَّ تَخْرُجَ الْيَمِينُ عَنْ هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ. " فَالْأَوَّلُ " كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنْ أَفْعَلَ كَذَا أَوْ عَلَيَّ الْحَرَامُ لَا أَفْعَلُ كَذَا؛ أَوْ عَلَيَّ الْحَجُّ لَا أَفْعَلُ. " وَالثَّانِي " كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ. أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي حَرَامٌ أَوْ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَمَالِي صَدَقَةٌ. وَلِهَذَا عَقَدَ الْفُقَهَاءُ لِمَسَائِلِ الْأَيْمَانِ بَابَيْنِ أَحَدُهُمَا " بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ " فَيَذْكُرُونَ فِيهِ الْحَلِفَ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ: كَإِنْ وَمَتَى وَإِذَا وَمَا أَشْبَهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute