للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ بِأَنَّهُمَا لَا يُكَفِّرَانِ وَاتَّبَعَ مَا بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ عَارَضَ مَا رُوِيَ مِنْ الْكُفَّارِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ مَعَ انْفِرَادِ التيمي بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَد قَالَ أَبِي: وَإِذَا قَالَ: جَارِيَتِي حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَصْنَعْ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْتِقُ. وَإِذَا قَالَ: كُلُّ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ لَمْ يُدْخِلْ فِيهِ جَارِيَتَهُ فِيهِ كَفَّارَةٌ فَإِنَّ ذَا لَا يُشْبِهُهُ ذَا أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ لَا يُكَفَّرَانِ. وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُولُونَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ: مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَإِذَا قَالَ: مَالِي عَلَى فُلَانٍ صَدَقَةٌ. وَفَرَّقُوا بَيْنَ قَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ؛ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: فَامْرَأَتِي طَالِقٌ؛ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ: بِأَنَّهُ هُنَاكَ مُوجَبُ الْقَوْلِ وُجُوبُ الصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ لَا وُجُودُ الصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ فَإِذَا اقْتَضَى الشَّرْطُ وُجُوبَ ذَلِكَ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ بَدَلًا عَنْ هَذَا الْوَاجِبِ كَمَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ كَمَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَبَقِيَتْ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهُ وَكَمَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ؛ فَإِنَّ الْوَاجِبَ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَمْكَنَ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ أَدَائِهِ وَبَيْنَ أَدَاءِ غَيْرِهِ. وَأَمَّا الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ فَإِنَّ مُوجَبَ الْكَلَامِ وُجُودُهُمَا فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وُجِدَ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَإِذَا وَقَعَا لَمْ يَرْتَفِعَا بَعْدَ وُقُوعِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ الْفَسْخَ؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ؛ فَإِنَّهُ