للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ عِنْدَهُ يَمِينًا لَمْ يَقُلْ لَهُ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك. وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَمِينَ وَلَا نَذْرَ} لِأَنَّ الْيَمِينَ مَا قُصِدَ بِهَا الْحَضُّ أَوْ الْمَنْعُ وَالنَّذْرَ مَا قُصِدَ بِهِ التَّقَرُّبُ وَكِلَاهُمَا لَا يُوَفَّى بِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ وَالْقَطِيعَةِ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دِلَالَةٌ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَمِينَ وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ} يَعُمُّ جَمِيعَ مَا يُسَمَّى يَمِينًا أَوْ نَذْرًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ كَانَتْ بِوُجُوبِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبِ مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ الصِّيَامِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْهَدْيِ أَوْ كَانَتْ بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ كَالظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ. وَمَقْصُودُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَهْيَهُ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْقَطِيعَةِ فَقَطْ أَوْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ مَا فِي الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِاسْتِدْلَالِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِهِ؛ فَإِنَّهُ لَوْلَا أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لَمْ يَصِحَّ اسْتِدْلَالُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ السَّائِلَ مِنْ الْكَفَّارَةِ دُونَ إخْرَاجِ الْمَالِ فِي كُسْوَةِ الْكَعْبَةِ؛ وَلِأَنَّ لَفْظَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُمُّ ذَلِكَ كُلَّهُ. وَأَيْضًا فَمِمَّا يُبَيِّنُ دُخُولَ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ فِي الْيَمِينِ وَالْحَلِفِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ} رَوَاهُ أَحْمَد وَالنَّسَائِي وَابْنُ مَاجَه وَالتِّرْمِذِي وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ