فَهَذَا أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدْفَعُ مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ فَهَذَا عَلَى مَا أَوْجَبَهُ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ يُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ: الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ لَا يُكَفَّرَانِ. كَقَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ: لَا اسْتِثْنَاءَ فِيهِمَا وَهَذَا فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ. وَأَمَّا الْحَلِفُ بِهِمَا فَلَيْسَ تَكْفِيرًا لَهُمَا؛ وَإِنَّمَا هُوَ تَكْفِيرٌ لِلْحَلِفِ بِهِمَا كَمَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ وَالْهَدْيِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ فَإِنَّهُ لَمْ يُكَفِّرْ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالصَّدَقَةَ وَالْحَجَّ وَالْهَدْيَ وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ الْحَلِفَ بِهِمْ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَكَذَلِكَ هَذِهِ الْعِبَادَاتُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا وَكَمَا أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ. فَإِنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ بِلَا خِلَافٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَمُوَافِقِيهِ مِنْ الْقَائِلِينَ بِنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ؛ وَلَيْسَ ذَلِكَ تَكْفِيرًا لِلْعِتْقِ وَإِنَّمَا هُوَ تَكْفِيرٌ لِلْحَلِفِ بِهِ. فَلَازَمَ قَوْلَ أَحْمَد هَذَا أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْحَلِفَ بِهِمَا يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ كَانَ الْحَلِفُ بِهِمَا تَصِحُّ فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَهَذَا مُوجَبُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَجْعَلْ الْحَلِفَ بِهِمَا يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ كَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَمَذْهَبِ مَالِكٍ فَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَنَحْنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ إنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ وَسَنَتَكَلَّمُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي " مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ " عَلَى حِدَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute