" تَارَةً " يَكُونُ غَرَضُهُ تَعْلِيقُ الْإِرَادَةِ وَالْمَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ كُنْت السَّاعَةَ مُرِيدًا لَهُ وَطَالِبًا؛ وَإِلَّا فَلَا. فَهَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا وَلَا تَرْتَفِعُ الْكَفَّارَةُ بِهَذَا وَحْدَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ قَدْ شِئْت إنْ شِئْت. أَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا فَكَذَا هَذَا. فَمَتَى قَالَ هَذَا لَمْ تَكُنْ إرَادَتُهُ حَاصِلَةً فَهَذَا مِثْلُ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَقُولُ: أُعْطِيك إنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَا وَعْدَ لَهُ وَإِذَا نَوَى هَذَا فِي الْيَمِينِ صَحَّ لَكِنْ لَا يَرْفَعُ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الطَّلَبِ لَمْ تُوجِبْ الْكَفَّارَةَ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ مُخَالَفَةُ الْخَبَرِ فَلَوْ كَانَ خَبَرًا لَا طَلَبَ مَعَهُ غَيْرَ تَعْلِيقٍ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ. فَأَكْثَرَ مَا فِي هَذَا انْتِفَاءُ الطَّلَبِ وَالْحَضِّ مِنْ الْيَمِينِ. " الثَّانِي " أَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ تَعْلِيقَ الْإِخْبَارِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ قِيَامِي كَائِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنَّ قِيَامَك كَائِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنَا مُخْبِرٌ بِوُقُوعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ فَلَا أُخْبِرُ بِهِ. وَإِذَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ فَلَا حِنْثَ وَإِنْ كُنْت مُرِيدًا لَهُ السَّاعَةَ جَزْمًا فَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يَرْفَعُ الْكَفَّارَةَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنَا شَاكٌّ فِي الْوُقُوعِ فَلَسْت أُخْبِرُ بِوُقُوعِهِ جَزْمًا وَإِنَّمَا أُخْبِرُ بِوُقُوعِهِ عِنْدَ هَذِهِ الصِّفَةِ. كَقَوْلِهِ: لَأَقُومَنَّ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ وَإِنْ أَعْطَيْتنِي مِائَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ وَهُوَ وَعْدٌ أَوْ وَعِيدٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ وَإِنْ كَانَ الْوَاعِدُ أَوْ الْمُتَوَاعِدُ مُرِيدًا فِي الْحَالِ لِإِنْفَاذِهِ؛ وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ قَوْلَهُ: لَأَصُومَنَّ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَقْدَحُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عَادَ إلَى الْإِخْبَارِ لَا إلَى الْإِرَادَةِ. وَمِنْ الْفُقَهَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute