للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَذَا إذَا نَوَاهُ هَلْ يَرْفَعُ الْكَفَّارَةَ؟ فَبِالنَّظَرِ إلَى قَصْدِهِ وَجَزْمِهِ فِي الْخَبَرِ قَدْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ وَبِالنَّظَرِ إلَى لَفْظِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا جَزَمَ بِمَشْرُوطِ لَا بِمُطْلَقِ لَمْ تَقَعْ الْمُخَالَفَةُ؛ وَإِنْ أَخْطَأَ اعْتِقَادُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى مَنْ يَظُنُّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ عَنْ الْمَاضِي بِمُوجَبِ اعْتِقَادِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَمَّدَ الْكَذِبَ. وَكَذَلِكَ هَذَا لَمْ يَتَأَلَّ عَلَى اللَّهِ؛ لَكِنْ يُقَالُ: كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشُكَّ فَلَمَّا تَأَلَّى عَلَى اللَّهِ وَأَكَّدَ الْمَشِيئَةَ قَاصِدًا بِهَا تَحْقِيقَ جَزْمِهِ بِالْإِخْبَارِ صَارَ وَجُودُهَا زَائِدًا لَهُ فِي التَّأَلِّي لَا مُعَلَّقًا. فَقَدْ يُقَالُ فِي مُعَارَضَةِ هَذَا: الْجَزْمِ يُرْجَعُ إلَى اعْتِقَادِهِ؛ لَا إلَى كَلَامِهِ وَأَمَّا كَلَامُهُ فَلَمْ يَتَأَلَّ فِيهِ عَلَى اللَّهِ؛ بَلْ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا يَكُونُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ: أَنَا مُعْتَقِدٌ أَنَّهُ يَكُونُ جَازِمًا بِهِ. فَالْكَفَّارَةُ وَجَبَتْ لِمُخَالَفَةِ خَبَرِي مُخْبَرِهِ أَوْ لِمُخَالَفَةِ اعْتِقَادِي مُعْتَقَدِهِ؟ إنَّمَا وَجَبَتْ لِمُخَالَفَةِ الْخَبَرِ فَإِنِّي لَوْ قُلْت إنِّي أَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا يَكُونُ وَأَنَا جَازِمٌ بِاعْتِقَادِي لَمْ يَكُنْ عَلَيَّ حِنْثٌ إذَا لَمْ يَكُنْ. وَمَعْنَى كَلَامِي أَنِّي جَازِمٌ بِأَنَّ هَذَا سَيَكُونُ وَأُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ يَكُونُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَعَلَّقْت لَكُمْ إخْبَارِي لَا اعْتِقَادِي وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فَائِدَةٌ؛ إذْ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى أَنِّي جَازِمٌ بِأَنَّهُ سَيَكُونُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ أَكُنْ جَازِمًا مُطْلَقًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ اعْتِقَادِي وَإِخْبَارِي إنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ هُوَ الْقَسَمَ الْأَوَّلَ؛ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ اعْتِقَادِي ثَابِتٌ بِهِ وَإِخْبَارِي لَكُمْ مُعَلَّقٌ بِهِ عَلَّقْته بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدِ أَنْ يُخْبِرَ بالمستقبلات إلَّا مُعَلِّقًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ. فَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ.