للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ الْبَدَنِيَّةِ الْمَالِيَّةِ وَهُوَ الْهَدْيُ؛ وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَ وَاجِبًا فَلَا يُؤْكَلُ مِنْهُ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ؟ قُلْنَا هَدْيُ النَّذْرِ أَيْضًا فِيهِ خِلَافٌ وَمَا وَجَبَ مُعَيَّنًا يَأْكُلُ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الذَّابِحِ لِلَّهِ مُهْدِيًا إلَى بَيْتِهِ أَعْظَمَ الْمَقْصُودَيْنِ؛ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ تَفْرِقَتِهِ فِي الْحَرَمِ؛ وَإِنْ كُنَّا نَحْنُ نُوجِبُ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ هَدْيٌ دُونَ مَا هُوَ نُسُكٌ؛ لِيَظْهَرَ تَحْقِيقُهُ بِتَسْمِيَتِهِ هَدْيًا وَهُوَ الْإِهْدَاءُ إلَى الْكَعْبَةِ. فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُقْتَضِي لِلْوَفَاءِ قَائِمٌ وَإِنَّمَا الشَّارِعُ جَعَلَ الْكَفَّارَةَ رُخْصَةً ثُمَّ قَدْ يَجِبُ وَقَدْ يُسْتَحَبُّ كَمَا فِي أَكْلِ الْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ: فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " وَمَا أَشْبَهَهُ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ " إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ "؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ ثُبُوتَ التَّحْرِيمِ عُقُوبَةً لَهَا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَوْ لِأُمِّهَا: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ. فَهُنَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ ثُبُوتَ التَّحْرِيمِ كَمَا أَنَّ فِي " نَذْرِ التَّبَرُّرِ " مَقْصُودُهُ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ وَكَمَا فِي " الْخُلْعِ " مَقْصُودُهُ أَخْذُ الْعِوَضِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَهَذَا التَّفْرِيقُ مُتَوَجِّهٌ عَلَى أَصْلِنَا فَإِنَّا كَمَا فَرَّقْنَا فِي الْتِزَامِ الْإِيجَابِ الْمُعَلَّقِ يَنْبَغِي أَنْ نُفَرِّقَ فِي الْتِزَامِ التَّحْرِيمِ الْمُعَلَّقِ. وَيَنْبَغِي أَنْ نُخَيِّرَهُ إذَا حَنِثَ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِالتَّحْرِيمِ وَبَيْنَ تَكْفِيرِ يَمِينِهِ كَمَا خَيَّرْنَاهُ فِي النَّذْرِ.