فَكُلُّ مَا يَقْصِدُهُ الْعِبَادُ مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْتُرُوكِ إنْ كَانَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِهِ وَبِالْإِعَانَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَنْهَى عَنْهُ وَعَنْ الْإِعَانَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ فَهُوَ مَعَ النِّيَّةِ الْحَسَنَةِ يَكُونُ طَاعَةً وَمَعَ النِّيَّةِ السَّيِّئَةِ يَكُونُ ذَنْبًا وَمَعَ عَدَمِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا هَذَا وَلَا هَذَا. فَالشَّرْعُ دَائِمًا فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالشُّرُوطِ وَالْعُقُودِ يُبْطِلُ مِنْهَا مَا كَانَ مُخَالِفًا لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ لَكِنْ إذَا كَانَ قَدْ عَلَّقَ تِلْكَ الْأُمُورَ بِإِيمَانِهِ بِاَللَّهِ شُرِعَتْ الْكَفَّارَةُ مَاحِيَةً لِمُقْتَضَى هَذَا الْعَقْدِ؛ فَإِنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ مُوجَبُهُ الْإِثْمَ إذَا خَالَفَ يَمِينَهُ؛ وَلِهَذَا سُمِّيَ " حِنْثًا " قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الْآثَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبَرُّ وَلَا يَتَّقِي اللَّهَ وَلَا يَصِلُ رَحِمَهُ فَإِذَا أُمِرَ بِذَلِكَ قَالَ أَنَا قَدْ حَلَفْت بِاَللَّهِ فَيَجْعَلُ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ مَانِعًا لَهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَإِذَا كَانَ قَدْ نَهَى سُبْحَانَهُ أَنْ يُجْعَلَ اللَّهُ أَيْ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ مَانِعًا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فَغَيْرُ ذَلِكَ أَوْلَى أَنْ يُنْهَى عَنْ كَوْنِهِ مَانِعًا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ. وَالْأَيْمَانُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلْكَفَّارَةِ كُلُّهَا تَعُودُ إلَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ بَعْضِ الْآثَارِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَد بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: مَالُهُ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute