للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَوَاثِيقَ تَقْتَضِي لَهُ وُجُوبًا ثَانِيًا غَيْرَ الْوُجُوبِ الثَّابِتِ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ فَتَكُونُ وَاجِبَةً مِنْ وَجْهَيْنِ بِحَيْثُ يَسْتَحِقُّ تَارِكُهَا مِنْ الْعُقُوبَةِ مَا يَسْتَحِقُّهُ نَاقِضُ الْعُهُودِ وَالْمِيثَاقِ؛ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ عَاصِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ. هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّهُ إذَا نَذَرَ وَاجِبًا فَهُوَ بَعْدَ النَّذْرِ كَمَا كَانَ قَبْلَ النَّذْرِ؛ بِخِلَافِ نَذْرِ الْمُسْتَحَبِّ. فَلَيْسَ كَمَا قَالَ؛ بَلْ النَّذْرُ إذَا كَانَ يُوجِبُ فِعْلَ الْمُسْتَحَبِّ فَإِيجَابُهُ لِفِعْلِ الْوَاجِبِ أَوْلَى؛ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ؛ بَلْ هُمَا وجوبان مِنْ نَوْعَيْنِ لِكُلِّ نَوْعٍ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ الْآخَرِ؛ مِثْلُ الْجَدَّةِ إذَا كَانَتْ أُمَّ أُمِّ أُمٍّ وَأُمَّ أُمِّ أَب؛ فَإِنَّ فِيهَا سَبَبَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا تَسْتَحِقُّ بِهِ السُّدْسَ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنَّ الشُّرُوطَ الَّتِي هِيَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهَا؛ أَوْ قَالَ تَفْسُدُ (١) حَتَّى قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إذَا قَالَ: زَوَّجْتُك عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفِ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانِ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ الطَّلَاقَ: فَهَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ الْعُقُودَ إنَّمَا وَجَبَتْ مُوجِبَاتُهَا لِإِيجَابِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَهَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَمُطْلَقُ الْعَقْدِ لَهُ مَعْنًى مَفْهُومٌ فَإِذَا أُطْلِقَ كَانَا قَدْ أَوْجَبَا مَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ؛ فَإِنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ هُوَ وَاجِبٌ بِالْعَقْدِ كَمُوجَبِ النَّذْرِ لَمْ يُوجِبْهُ الشَّارِعُ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا أَوْجَبَ الْوَفَاءَ بِالْعُقُودِ كَمَا أَوْجَبَ الْوَفَاءَ بِالنَّذْرِ. فَإِذَا كَانَ لَهُ مُوجَبٌ مَعْلُومٌ بِلَفْظِ مُطْلَقٍ أَوْ بِعُرْفِ وَصَرَّحَ الْمُتَعَاقِدَانِ بِإِيجَابِهِ بِلَفْظِ خَاصٍّ كَانَ هَذَا مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَيَكُونُ الْعَاقِدُ


(١) بياض بالأصل