للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَبْعَثْ اللَّهُ نَبِيًّا مِنْ عَهْدِ نُوحٍ إلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرَنَّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أُمَّتِهِ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهْم أَحْيَاءٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى النَّبِيِّ الْمُتَقَدِّمِ أَنْ يُصَدِّقَ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ وَعَلَى النَّبِيِّ الْمُتَأَخِّرِ أَنْ يُصَدِّقَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ؛ وَلِهَذَا لَمْ تَخْتَلِفْ الْأَنْبِيَاءُ بَلْ دِينُهُمْ وَاحِدٌ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {إنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ دِينُنَا وَاحِدٌ} وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} أَيْ مِلَّتُكُمْ مِلَّةً وَاحِدَةً كَقَوْلِهِمْ: {إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أَيْ مِلَّةٍ. وَقَالَ تَعَالَى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ} فَدِينُ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدٌ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُمْ مُسْلِمُونَ مُؤْمِنُونَ كَمَا قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْقُرْآنِ؛ لَكِنَّ بَعْضَ الشَّرَائِعِ تَتَنَوَّعُ فَقَدْ يُشَرِّعُ فِي وَقْتٍ أَمْرًا لِحِكْمَةِ ثُمَّ يُشَرِّعُ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَمْرًا آخَرَ لِحِكْمَةِ؛ كَمَا شَرَعَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ