للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَأَنْزَلَ الْعَدْلَ وَمَا بِهِ يُعْرَفُ الْعَدْلُ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلَ الْحَدِيدَ. فَمَنْ خَرَجَ عَنْ الْكِتَابِ وَالْمِيزَانِ قُوتِلَ بِالْحَدِيدِ. فَالْكِتَابُ وَالْعَدْلُ مُتَلَازِمَانِ وَالْكِتَابُ هُوَ الْمُبَيِّنُ لِلشَّرْعِ؛ فَالشَّرْعُ هُوَ الْعَدْلُ وَالْعَدْلُ هُوَ الشَّرْعُ وَمَنْ حَكَمَ بِالْعَدْلِ فَقَدْ حَكَمَ بِالشَّرْعِ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَنْسُبُونَ مَا يَقُولُونَهُ إلَى الشَّرْعِ وَلَيْسَ مِنْ الشَّرْعِ؛ بَلْ يَقُولُونَ ذَلِكَ إمَّا جَهْلًا وَإِمَّا غَلَطًا وَإِمَّا عَمْدًا وَافْتِرَاءً وَهَذَا هُوَ الشَّرْعُ الْمُبَدَّلُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَصْحَابُهُ الْعُقُوبَةَ؛ لَيْسَ هُوَ الشَّرْعَ الْمُنَزَّلَ الَّذِي جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إلَى خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ فَإِنَّ هَذَا الشَّرْعَ الْمُنَزَّلَ كُلُّهُ عَدْلٌ لَيْسَ فِيهِ ظُلْمٌ وَلَا جَهْلٌ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} فَاَلَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ هُوَ الْقِسْطُ وَالْقِسْطُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} فَاَلَّذِي أَرَاهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ هُوَ الْعَدْلُ.

وَقَدْ يَقُولُ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَالْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ أَقْوَالًا بِاجْتِهَادِهِمْ؛ فَهَذِهِ يَسُوغُ