الْأَعْرَابُ بِالسَّوَالِفِ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ وَهِيَ عَادَاتٌ كَمَا يَحْكُمُ التتر " بالياسق " الَّذِي جَرَتْ بِهِ عَادَاتُهُمْ وَأَمَّا أَهْلُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعِلْمِ وَالدِّينِ فَإِنَّمَا يَحْكُمُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ وَاحِدٍ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إذَا خِيفَ الشِّقَاقُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الظَّالِمُ؛ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ؛ بَلْ أَمَرَ بِحُكْمَيْنِ؛ وَأَلَا يَكُونَا مُتَّهَمَيْنِ؛ بَلْ حَكَمًا مِنْ أَهْلِ الرَّجُلِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إنْ يُرِيدَا إصْلَاحًا} أَيْ الْحَكَمَيْنِ {يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. فَإِنْ رَأَيَا الْمَصْلَحَةَ أَنْ يَجْمَعَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ جَمَعَا وَإِنْ رَأَيَا الْمَصْلَحَةَ أَنْ يُفَرِّقَا بَيْنَهُمَا فَرَّقَا: إمَّا بِعِوَضِ تَبْذُلُهُ الْمَرْأَةُ فَتَكُونُ الْفُرْقَةُ خُلْعًا إنْ كَانَتْ هِيَ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الظَّالِمَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ. وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَيْنِ حَكَمَانِ كَمَا سَمَّاهُمَا اللَّهُ حَكَمَيْنِ يَحْكُمَانِ بِغَيْرِ تَوْكِيلِ الزَّوْجَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَد فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمَا وَقِيلَ هُمَا وَكِيلَانِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْقَوْلِ الْآخَرِ فِي الْمَذْهَبَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute