وَتَارَةً تَكُونُ الْحُجَّةُ اللَّوْثُ وَاللَّطْخُ وَالشُّبْهَةُ مَعَ أَيْمَانِ الْمُدَّعِي خَمْسِينَ يَمِينًا وَهِيَ الْقَسَامَةُ الَّتِي يُبْدَأُ فِيهَا بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِي عِنْدَ عَامَّةِ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ. وَتَمْتَازُ عَنْ غَيْرِهَا بِأَنَّ الْيَمِينَ فِيهَا خَمْسُونَ يَمِينًا كَمَا امْتَازَتْ أَيْمَانُ اللِّعَانِ بِأَنْ كَانَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ لِأَنَّ كُلَّ يَمِينٍ أُقِيمَتْ مَقَامَ شَاهِدٍ. وَالْقَسَامَةُ تُوجِبُ الْقَوَدَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَتُوجِبُ الدِّيَةَ فَقَطْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ. وَأَهْلُ الرَّأْيِ لَا يُحَلِّفُونَ فِيهَا إلَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّهُمْ مَعَ تَحْلِيفِهِ يُوجِبُونَ عَلَيْهِ الدِّيَةَ. عَلَى تَفْصِيلٍ مَعْرُوفٍ لَيْسَ الْغَرَضُ هُنَا ذِكْرَهُ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ التَّنْبِيهُ عَلَى مَجَامِعِ الْأَحْكَامِ فِي الدَّعَاوَى فَإِنَّهُ بَابٌ عَظِيمٌ وَالْحَاجَةُ إلَيْهِ شَدِيدَةٌ عَامَّةٌ. وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ التَّفْرِيطُ مِنْ بَعْضِ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَالْعُدْوَانُ مِنْ بَعْضِهِمْ مَا أَوْجَبَ الْجَهْلَ بِالْحَقِّ وَالظُّلْمَ لِلْخَلْقِ وَصَارَ لَفْظُ " الشَّرْعِ " غَيْرَ مُطَابِقٍ لِمُسَمَّاهُ الْأَصْلِيِّ؛ بَلْ لَفْظُ الشَّرْعِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ " ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ ". " أَحَدُهَا " الشَّرْعُ الْمُنَزَّلُ وَهُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتِّبَاعُهُ وَاجِبٌ مَنْ خَرَجَ عَنْهُ وَجَبَ قَتْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ أُصُولُ الدِّينِ وَفُرُوعُهُ؛ وَسِيَاسَةُ الْأُمَرَاءِ وَوُلَاةِ الْمَالِ وَحُكْمُ الْحُكَّامِ وَمَشْيَخَةُ الشُّيُوخِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِأَحَدِ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين خُرُوجٌ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. و " الثَّانِي " الشَّرْعُ الْمُؤَوَّلُ وَهُوَ مَوَارِدُ النِّزَاعِ وَالِاجْتِهَادِ بَيْنَ الْأُمَّةِ فَمَنْ أَخَذَ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ أُقِرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ تَجِبْ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ مُوَافَقَتُهُ إلَّا بِحُجَّةِ لَا مَرَدَّ لَهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute