للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ هَلْ يَتَّخِذُ الْإِمَامُ حَبْسًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. فَمَنْ قَالَ: لَا يَتَّخِذُ حَبْسًا؛ قَالَ: يَعُوقُهُ بِمَكَانِ مِنْ الْأَمْكِنَةِ أَوْ يُقَامُ عَلَيْهِ حَافِظٌ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى " التَّرْسِيمُ ". وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ حُضُورُ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ تَعْوِيقًا وَمَنْعًا مِنْ جِنْسِ السَّجْنِ وَالْحَبْسِ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ يُحْضَرُ الْخَصْمُ الْمَطْلُوبُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى؟ أَمْ لَا يُحْضَرُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُبْتَذَلُ بِالْحُضُورِ حَتَّى يَبِينَ لِمُدَّعِي الدَّعْوَى أَصْلٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. " وَالثَّانِي " قَوْلُ مَالِكٍ. " وَالْأَوَّلُ " قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ. وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: الْحَبْسُ فِي التُّهْمَةِ إنَّمَا هُوَ لِلْوَالِي وَالِي الْحَرْبِ؛ دُونَ الْقَاضِي وَقَدْ ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزبيري وَأَقْضَى الْقُضَاةِ الماوردي وَغَيْرِهِمَا. وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد الْمُصَنِّفِينَ فِي " أَدَبِ الْقُضَاةِ " وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْحَبْسِ فِي التُّهْمَةِ: هَلْ هُوَ مُقَدَّرٌ؟ أَوْ مَرْجِعُهُ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَالْقَاضِي الماوردي وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ هُوَ مُقَدَّرٌ بِشَهْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزبيري. وَقِيلَ: هُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ الماوردي.