" أَحَدُهَا " أَنَّهُ يُضْرَبُ فِيهَا الْقَاضِي وَالْوَالِي وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْهُمْ أَشْهَبُ قَاضِي مِصْرَ قَالَ أَشْهَبُ: يُمْتَحَنُ بِالسِّجْنِ وَالْأَدَبِ وَيُضْرَبُ بِالسَّوْطِ مُجَرَّدًا. " وَالْقَوْلُ الثَّانِي " لَا يُضْرَبُ بَلْ يُحْبَسُ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ؛ لَكِنَّ حَبْسَ الْمُتَّهَمِ عِنْدَهُمْ أَبْلَغُ مِنْ حَبْسِ الْمَجْهُولِ؛ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفُوا هَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ؟ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَمُطَرِّفِ وَابْنِ الماجشون وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد فِيمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ بِدْعَتِهِ أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ. و " الْقَوْلُ الثَّالِثُ " أَنَّهُ يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي وَهَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد كَالْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ الماوردي وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِمَا. وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي كُتُبِ " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " وَقَالُوا: إنَّ وِلَايَةَ الْحَرْبِ مُعْتَمَدُ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْجَرَائِمِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَذَلِكَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْعُقُوبَةِ لِلْمُتَّهَمِينَ الْمَعْرُوفِينَ بِالْإِجْرَامِ؛ بِخِلَافِ وِلَايَةِ الْحُكْمِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ وَهَذَا الْقَوْلِ هُوَ قَوْلٌ بِجَوَازِ ذَلِكَ فِي الشَّرِيعَةِ؛ لَكِنَّ كُلَّ وَلِيٍّ أُمِرَ بِفِعْلِ مَا فُوِّضَ إلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ وَالِيَ الصَّدَقَاتِ لَا يَمْلِكُ مِنْ الْقَبْضِ وَالصَّرْفِ مَا يَمْلِكُهُ وَالِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute