للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد التَّوَقُّفُ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَمِمَّنْ يُجَوِّزُ التَّعْزِيرَ بِالْقَتْلِ فِي " الذُّنُوبِ الْكِبَارِ " أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَوَاضِعَ يُسَمُّونَ الْقَتْلَ فِيهَا سِيَاسَةً كَقَتْلِ مَنْ تَكَرَّرَ لِوَاطُهُ أَوْ قَتْلُهُ بالمثقل؛ فَإِنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ قَتْلَهُ سِيَاسَةً وَتَعْزِيرًا؛ وَإِنْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ بَلْ وَلَا يُجَوِّزُهُ فِيمَنْ فَعَلَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَمَّا صَاحِبَاهُ فَمَعَ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ فَيُخَالِفُونَ فِي أَنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ فِي الْقَتْلِ؛ وَفِي وُجُوبِ قَتْلِ اللُّوطِيِّ إمَّا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُحْصَنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي أَشْهَرِ رِوَايَتَيْهِ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَدُّهُ مِثْلَ حَدِّ الزَّانِي كَقَوْلِ صَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَشْهَرِ قَوْلَيْهِ وَأَحْمَد فِي أَحَدِ رِوَايَتَيْهِ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ يُوَافِقُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِجَلْدِ الَّذِي أَحَلَّتْ امْرَأَتُهُ لَهُ جَارِيَتَهَا مِائَةً وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَجُلًا وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ فِي فِرَاشٍ مِائَةً؛ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ضَرَبَ الَّذِي زَوَّرَ عَلَيْهِ خَاتَمَهُ فَأَخَذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِائَةً ثُمَّ ضَرَبَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مِائَةً مِائَةً. وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِ أَصْنَافِ التَّعْزِيرِ فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الشُّعَبِ.

فَأَمَّا ضَرْبُ الْمُتَّهَمِ إذَا عُرِفَ أَنَّ الْمَالَ عِنْدَهُ وَقَدْ كَتَمَهُ وَأَنْكَرَهُ لِيُقِرَّ بِمَكَانِهِ فَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ ضُرِبَ لِيُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ مِنْ التَّعْرِيفِ بِمَكَانِهِ كَمَا يُضْرَبُ