للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ التَّحْذِيرَ مِنْهُ وَاتِّقَاءَ شَرِّهِ فَيُكْتَفَى بِمَا دُونَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ اعْتَبِرُوا النَّاسَ بِأَخْدَانِهِمْ؛ وَبَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا يَجْتَمِعُ إلَيْهِ الْأَحْدَاثُ فَنَهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِ. فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُخَالِطًا فِي السَّيْرِ لِأَهْلِ الشَّرِّ يُحَذَّرُ عَنْهُ. و " الدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ " مُسْتَحِقٌّ الْعُقُوبَةَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَعُقُوبَتُهُ تَكُونُ تَارَةً بِالْقَتْلِ وَتَارَةً بِمَا دُونَهُ كَمَا قَتَلَ السَّلَفُ جَهْمَ بْنَ صَفْوَانَ وَالْجَعْدَ بْنَ دِرْهَمٍ وَغَيْلَانَ الْقَدَرِيَّ وَغَيْرَهُمْ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ أَوْ لَا يُمْكِنُ عُقُوبَتُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ بِدْعَتِهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا فَإِنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ. و " الْبِدْعَةُ " الَّتِي يُعَدُّ بِهَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ مُخَالَفَتُهَا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ كَبِدْعَةِ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ وَيُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ وَغَيْرَهُمَا قَالُوا: أُصُولُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً هِيَ أَرْبَعٌ: الْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ وَالْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: فالْجَهْمِيَّة؟ قَالَ: لَيْسَتْ الْجَهْمِيَّة مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. و " الْجَهْمِيَّة " نفاة الصِّفَاتِ؛ الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُعْرَجْ بِهِ إلَى اللَّهِ وَإِنَّ اللَّهَ لَا عِلْمَ لَهُ وَلَا قُدْرَةَ وَلَا حَيَاةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ والمتفلسفة وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ.