للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا فِيهَا مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا وَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. جَاءَ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ عَدِيدَةٍ وَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهَا فِي كُلِّ سَحَرٍ وَهِيَ دَارُهُ فَهَذِهِ كَرَامَةُ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَعْلَيْنَ مُطَّلِعُونَ عَلَى الْأَسْفَلِينَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَلَا يُقَالُ: هَذَا فِي حَقِّ الْمُرْسَلِينَ فَإِنَّهَا إنَّمَا بُنِيَتْ لَهُمْ لَكِنْ لَمْ يَبْلُغُوا بَعْدُ إبَّانَ سُكْنَاهَا وَإِنَّمَا هِيَ مُعَدَّةٌ لَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ ذَاهِبُونَ إلَى كَمَالٍ وَمُنْتَقِلُونَ إلَى عُلُوٍّ وَارْتِفَاعٍ وَهُوَ جَزَاؤُهُمْ وَثَوَابُهُمْ. وَأَمَّا الْمَلَائِكَةُ فَإِنَّ حَالَهُمْ الْيَوْمَ شَبِيهَةٌ بِحَالِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ ثَوَابَهُمْ مُتَّصِلٌ وَلَيْسَتْ الْجَنَّةُ مَخْلُوقَةً (*) وَتَصْدِيقُ هَذَا قَوْله تَعَالَى {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}. فَحَقِيقَةُ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ غَيْبٌ عَنْ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ غَيَّبَ عَنْهُمْ أَوَّلًا حَالَ آدَمَ فِي النَّشْأَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا. وَفَضْلُ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ يُبَيِّنُ فَضْلَ الْوَاحِدِ مِنْ نَوْعِهِمْ؛ فَالْوَاحِدُ مِنْ نَوْعِهِمْ إذَا ثَبَتَ فَضْلُهُمْ عَلَى جَمِيعِ الْأَعْيَانِ وَالْأَشْخَاصِ ثَبَتَ فَضْلُ نَوْعِهِمْ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ إذْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ ارْتِفَاعُ شَخْصٍ مِنْ أَشْخَاصِ النَّوْعِ الْمَفْضُولِ إلَى أَنْ يَفُوقَ جَمِيعَ الْأَشْخَاصِ وَالْأَنْوَاعِ الْفَاضِلَةِ فَإِنَّ هَذَا تَبْدِيلُ الْحَقَائِقِ وَقَلْبُ الْأَعْيَانِ عَنْ صِفَاتِهَا النَّفْسِيَّةِ؛ لَكِنْ رُبَّمَا فَاقَ بَعْضَ أَشْخَاصِ النَّوْعِ الْفَاضِلِ مَعَ


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٤٢):
يظهر أن العبارة: (وليست الجنة مخلوقة لهم).