كَفَيْتُمُوهُمْ فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْت عَدُوَّ اللَّهِ إنَّ الَّذِينَ عَدَدْت لَأَحْيَاءُ وَقَدْ بَقِيَ لَك مَا يَسُوءُك} الْحَدِيثَ. فَهَذَا أَمِيرُ الْكُفَّارِ فِي تِلْكَ الْحَالِ إنَّمَا سَأَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؛ دُونَ غَيْرِهِمْ: لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ رُءُوسُ الْمُسْلِمِينَ. النَّبِيُّ وَوَزِيرَاهُ. وَلِهَذَا سَأَلَ الرَّشِيدُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ مَنْزِلَتِهِمَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ فَقَالَ: مَنْزِلَتُهُمَا مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ كَمَنْزِلَتِهِمَا مِنْهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ. وَكَثْرَةُ الِاخْتِصَاصِ وَالصُّحْبَةِ - مَعَ كَمَالِ الْمَوَدَّةِ والائتلاف وَالْمَحَبَّةِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ: تَقْتَضِي أَنَّهُمَا أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَهَذَا ظَاهِرٌ بَيِّنٌ لِمَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِأَحْوَالِ الْقَوْمِ. أَمَّا الصِّدِّيقُ فَإِنَّهُ مَعَ قِيَامِهِ بِأُمُورِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ عَجَزَ عَنْهَا غَيْرُهُ - حَتَّى بَيَّنَهَا لَهُمْ - لَمْ يُحْفَظْ لَهُ قَوْلٌ مُخَالِفٌ نَصًّا. هَذَا يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ الْبَرَاعَةِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَحُفِظَتْ لَهُ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ خَالَفَتْ النَّصَّ لِكَوْنِ تِلْكَ النُّصُوصِ لَمْ تَبْلُغْهُمْ. وَاَلَّذِي وُجِدَ مِنْ مُوَافَقَةِ " عُمَرَ " لِلنُّصُوصِ أَكْثَرُ مِنْ مُوَافَقَةِ عَلِيٍّ وَهَذَا يَعْرِفُهُ مَنْ عَرَفَ مَسَائِلَ الْعِلْمِ وَأَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِيهَا. وَذَلِكَ مِثْلُ نَفَقَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا: فَإِنَّ قَوْلَ عُمَرَ هُوَ الَّذِي وَافَقَ النَّصَّ دُونَ الْقَوْلِ الْآخَرِ. وَكَذَلِكَ " مَسْأَلَةُ الْحَرَامِ " قَوْلُ عُمَرَ وَغَيْرِهِ فِيهَا: هُوَ الْأَشْبَهُ بِالنُّصُوصِ مِنْ الْقَوْلِ الْآخَرِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute