الْمَنْزِلَةِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الِاسْتِخْلَافُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يُخْفِ عَلَى عَلِيٍّ وَلَحِقَهُ يَبْكِي. وَمِمَّا بَيَّنَ ذَلِكَ أَنَّهُ بَعْدَ هَذَا أَمَّرَ عَلَيْهِ أَبَا بَكْرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَكَوْنُهُ بَعَثَهُ لِنَبْذِ الْعُهُودِ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمَّا جَرَتْ أَنَّهُ لَا يَنْبِذُ الْعُهُودَ وَلَا يَعْقِدُهَا إلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ: فَأَيُّ شَخْصٍ مِنْ عِتْرَتِهِ نَبَذَهَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَلَكِنَّهُ أَفْضَلُ بَنِي هَاشِمٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَحَقَّ النَّاسِ بِالتَّقَدُّمِ مِنْ سَائِرِهِمْ فَلَمَّا أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: " {أَمَا تَرْضَى} . . . إلَخْ " عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِهِ فِي الِاسْتِخْلَافِ خَاصَّةً وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ. وَقَدْ شَبَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ بِإِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى وَشَبَّهَ عُمَرَ بِنُوحِ وَمُوسَى - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا أَشَارَا فِي الْأَسْرَى وَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ تَشْبِيهِ عَلِيٍّ بِهَارُونَ وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَا بِمَنْزِلَةِ أُولَئِكَ الرُّسُلِ وَتَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ لِمُشَابَهَتِهِ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: " {مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ} . . . إلَخْ " فَهَذَا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأُمَّهَاتِ؛ إلَّا فِي التِّرْمِذِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا: " {مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ} وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَيْسَتْ فِي الْحَدِيثِ. وَسُئِلَ عَنْهَا الْإِمَامُ أَحْمَد فَقَالَ: زِيَادَةٌ كُوفِيَّةٌ وَلَا رَيْبَ أَنَّهَا كَذِبٌ لِوُجُوهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute