للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ الطَّائِفَةَ الْقَائِمَةَ بِالْحَقِّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ هِيَ الظَّاهِرَةُ الْمَنْصُورَةُ فَلَمَّا انْتَصَرَ هَؤُلَاءِ كَانُوا أَهْلَ الْحَقِّ. " وَالثَّانِي " أَنَّ النُّصُوصَ عَيَّنَتْ أَنَّهُمْ بِالشَّامِ كَقَوْلِ مُعَاذٍ وَكَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ} قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: وَأَهْلُ الْغَرْبِ هُمْ أَهْلُ الشَّامِ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُقِيمًا بِالْمَدِينَةِ فَمَا يَغْرُبُ عَنْهَا فَهُوَ غَرْبُهُ وَمَا يَشْرَقُ عَنْهَا فَهُوَ شَرْقُهُ وَكَانَ يُسَمِّي أَهْلَ نَجْدٍ وَمَا يُشْرِقُ عَنْهَا أَهْلَ الْمَشْرِقِ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَر: قَدِمَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا} . وَقَدْ اسْتَفَاضَتْ السُّنَنُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي " الشَّرِّ " أَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْمَشْرِقِ: كَقَوْلِهِ: " {الْفِتْنَةُ مِنْ هَاهُنَا الْفِتْنَةُ مِنْ هَاهُنَا} وَيُشِيرُ إلَى الْمَشْرِقِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوُ الْمَشْرِقِ} وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَأَخْبَرَ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْمَنْصُورَةَ الْقَائِمَةَ عَلَى الْحَقِّ مِنْ أُمَّتِهِ بِالْمَغْرِبِ وَهُوَ الشَّامُ وَمَا يَغْرُبُ عَنْهَا وَالْفِتْنَةُ وَرَأْسُ الْكُفْرِ بِالْمَشْرِقِ وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ الشَّامِ أَهْلَ الْمَغْرِبِ وَيَقُولُونَ عَنْ الأوزاعي: أَنَّهُ إمَامُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ وَيَقُولُونَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَنَحْوِهِ: إنَّهُ مَشْرِقِيٌّ إمَامُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَهَذَا لِأَنَّ مُنْتَهَى الشَّامِ عِنْدَ الْفُرَاتِ هُوَ عَلَى مُسَامَتَةِ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُولَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبَعْدَ ذَلِكَ حَرَّانَ وَالرِّقَّةُ وَنَحْوُهُمَا عَلَى مُسَامَتَةِ مَكَّةَ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ قِبْلَتُهُمْ أَعْدَلَ