للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْحَقِّ مِمَّنْ فَارَقَهُ وَمَعَ أَنَّ عَمَّارًا قَتَلَتْهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ كَمَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ فَعَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِكُلِّ مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَنُقِرُّ بِالْحَقِّ كُلِّهِ وَلَا يَكُونُ لَنَا هَوًى وَلَا نَتَكَلَّمُ بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ بَلْ نَسْلُكُ سُبُلَ الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ وَذَلِكَ هُوَ اتِّبَاعُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَأَمَّا مَنْ تَمَسَّكَ بِبَعْضِ الْحَقِّ دُونَ بَعْضٍ فَهَذَا مَنْشَأُ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ. وَلِهَذَا لَمَّا اعْتَقَدَتْ طَوَائِفُ مِنْ الْفُقَهَاءِ وُجُوبَ الْقِتَالِ مَعَ عَلِيٍّ جَعَلُوا ذَلِكَ " قَاعِدَةً فِقْهِيَّةً " فِيمَا إذَا خَرَجَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْإِمَامِ بِتَأْوِيلِ سَائِغٍ وَهِيَ عِنْدُهُ رَاسَلَهُمْ الْإِمَامُ فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً أَزَالَهَا عَنْهُمْ وَإِنْ ذَكَرُوا شُبْهَةً بَيَّنَهَا فَإِنْ رَجَعُوا وَإِلَّا وَجَبَ قِتَالُهُمْ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ إنَّهُمْ أَدْخَلُوا فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ " قِتَالَ الصِّدِّيقِ لِمَانِعِي الزَّكَاةِ " وَ " قِتَالَ عَلِيٍّ لِلْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ "؛ وَصَارُوا فِيمَنْ يَتَوَلَّى أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمُلُوكِ وَالْخُلَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ يَجْعَلُونَ أَهْلَ الْعَدْلِ مَنْ اعْتَقَدُوهُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَجْعَلُونَ الْمُقَاتِلِينَ لَهُ بُغَاةً لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ قِتَالِ الْفِتْنَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَاَلَّذِي تَرْكُهُ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُلُوكِ وَالْخُلَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ: كَاقْتِتَالِ الْأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ وَغَيْرِهِمَا؛ وَبَيْنَ قِتَالِ " الْخَوَارِجِ " الحرورية وَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمُنَافِقِينَ " كالمزدكية " وَنَحْوِهِمْ. وَهَذَا تَجِدُهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ رَأْيِ بَعْضِ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَتْبَاعِهِمْ ثُمَّ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ ثُمَّ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد الَّذِينَ صَنَّفُوا بَابَ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ نَسَجُوا عَلَى مِنْوَالِ أُولَئِكَ تَجِدُهُمْ هَكَذَا فَإِنَّ الخرقي نَسَجَ عَلَى مِنْوَالِ