للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَسَدِ وَالْكِبْرِ وَالْغِلِّ لِإِخْوَانِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ مُشَابَهَةٌ بَيِّنَةٌ لِلْيَهُودِ. وَالْآخَرُونَ يَخْرُجُونَ إلَى الْغَفْلَةِ الْمَذْمُومَةِ، فَيُبَالِغُونَ فِي سَلَامَةِ الْبَاطِنِ حَتَّى يَجْعَلُونَ الْجَهْلَ بِمَا تَجِبُ مَعْرِفَتُهُ مِنْ الشَّرِّ - الَّذِي يَجِبُ اتِّقَاؤُهُ - مِنْ سَلَامَةِ الْبَاطِنِ، وَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ سَلَامَةِ الْبَاطِنِ مِنْ إرَادَةِ الشَّرِّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَبَيْنَ سَلَامَةِ الْقَلْبِ مِنْ مَعْرِفَةِ الشَّرِّ الْمَعْرِفَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا ثُمَّ مَعَ هَذَا الْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ قَدْ لَا يَجْتَنِبُونَ النَّجَاسَاتِ، وَيُقِيمُونَ الطِّهَارَةَ الْوَاجِبَةَ مُضَاهَاةً لِلنَّصَارَى. وَتَقَعُ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ بِسَبَبِ تَرْكِ حَظٍّ مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَالْبَغْيِ الَّذِي هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ إمَّا تَفْرِيطًا وَتَضْيِيعًا لِلْحَقِّ، وَإِمَّا عُدْوَانًا وَفِعْلًا لِلظُّلْمِ. وَالْبَغْيُ تَارَةً يَكُونُ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَتَارَةً يَكُونُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ، وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ وَلِهَذَا قَالَ: {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} فَإِنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ بَغَتْ عَلَى الْأُخْرَى، فَلَمْ تَعْرِفْ حَقَّهَا الَّذِي بِأَيْدِيهَا وَلَمْ تَكُفَّ عَنْ الْعُدْوَانِ عَلَيْهَا. وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} وَقَالَ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى فِي مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} وَقَالَ: {إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} وَقَالَ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} {مُنِيبِينَ إلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ