للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ فَاتِحَتِهِ إلَى خَاتِمَتِهِ أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا ابْتَدَعَ أَحَدٌ بِدْعَةً إلَّا وَفِي كِتَابِ اللَّهِ بَيَانُهَا وَقَالَ مَسْرُوقٌ: مَا سُئِلَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ عَنْ شَيْءٍ إلَّا وَعِلْمُهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَكِنْ عِلْمُنَا قَصُرَ عَنْهُ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: التَّنْبِيهُ عَلَى أُصُولِ " الْمَقَالَاتِ الْفَاسِدَةِ " الَّتِي أَوْجَبَتْ الضَّلَالَةَ فِي بَابِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ مَنْ جَعَلَ الرَّسُولَ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْهِ وَلَا جِبْرِيلُ - جَعَلَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالسَّمْعِيَّاتِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْقُرْآنَ هُدًى وَلَا بَيَانًا لِلنَّاسِ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ يُنْكِرُونَ الْعَقْلِيَّاتِ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يَجْعَلُونَ عِنْدَ الرَّسُولِ وَأُمَّتِهِ فِي " بَابِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " لَا عُلُومًا عَقْلِيَّةً وَلَا سَمْعِيَّةً؛ وَهُمْ قَدْ شَارَكُوا الْمَلَاحِدَةَ فِي هَذِهِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهُمْ مُخْطِئُونَ فِيمَا نَسَبُوا إلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى السَّلَفِ مِنْ الْجَهْلِ كَمَا أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ التَّحْرِيفِ وَالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ وَسَائِرُ أَصْنَافِ الْمَلَاحِدَةِ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْ " أَلْفَاظِ السَّلَفِ " بِأَعْيَانِهَا " وَأَلْفَاظِ مَنْ نُقِلَ مَذْهَبُهُمْ " - إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ بِحَسَبِ مَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا الْمَوْضِعُ - مَا يُعْلَمُ بِهِ مَذْهَبُهُمْ.