للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا يَعْتَقِدُهُ وَيَذْهَبُ إلَيْهِ؛ فَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ اخْتِلَافَ الْقَائِلِينَ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَذَكَرَ عَنْ طَائِفَةٍ إثْبَاتَ الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَنَسَبَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إلَى " الصُّوفِيَّةِ " قَاطِبَةً لَمْ يَخُصَّ طَائِفَةً. فَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى جَهَالَةٍ مِنْهُ بِأَقْوَالِ الْمُخْلَصِينَ مِنْهُمْ؛ وَكَانَ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْقَوْلُ - بَعْدَ أَنْ ادَّعَى عَلَى الطَّائِفَةِ - ابْنِ أُخْتِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَحِلِّهِ عِنْدَ الْمُخْلَصِينَ؛ فَكَيْفَ بِابْنِ أُخْتِهِ. وَلَيْسَ إذَا أَحْدَثَ الزَّائِغُ فِي نِحْلَتِهِ قَوْلًا نُسِبَ إلَى الْجُمْلَةِ؛ كَذَلِكَ فِي الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ لَيْسَ مَنْ أَحْدَثَ قَوْلًا فِي الْفِقْهِ؛ وَلَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ يُنَاسِبُ ذَلِكَ؛ يُنْسَبُ ذَلِكَ إلَى جُمْلَةِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ. وَاعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ " الصُّوفِيَّةِ " وَعُلُومَهُمْ تَخْتَلِفُ فَيُطْلِقُونَ أَلْفَاظَهُمْ عَلَى مَوْضُوعَاتٍ لَهُمْ وَمَرْمُوزَاتٍ وَإِشَارَاتٍ تَجْرِي فِيمَا بَيْنَهُمْ فَمَنْ لَمْ يُدَاخِلْهُمْ عَلَى التَّحْقِيقِ وَنَازَلَ مَا هُمْ عَلَيْهِ رَجَعَ عَنْهُمْ وَهُوَ خَاسِئٌ وَحَسِيرٌ. ثُمَّ ذَكَرَ إطْلَاقَهُمْ لَفْظَ " الرُّؤْيَةِ " بِالتَّقْيِيدِ. فَقَالَ: كَثِيرًا مَا يَقُولُونَ رَأَيْت اللَّهَ يَقُولُ. وَذَكَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَوْلُهُ لَمَّا سُئِلَ: هَلْ رَأَيْت اللَّهَ حِينَ عَبَدْته؟ قَالَ رَأَيْت اللَّهَ ثُمَّ عَبَدْته. فَقَالَ السَّائِلُ كَيْفَ رَأَيْته؟ فَقَالَ: لَمْ تَرَهُ الْأَبْصَارُ بِتَحْدِيدِ الْأَعْيَانِ؛ وَلَكِنْ رُؤْيَةُ الْقُلُوبِ بِتَحْقِيقِ الْإِيقَانِ ثُمَّ قَالَ: " وَإِنَّهُ تَعَالَى يُرَى فِي الْآخِرَةِ كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هَذَا قَوْلُنَا وَقَوْلُ أَئِمَّتِنَا دُونَ الْجُهَّالِ مِنْ أَهْلِ الْغَبَاوَةِ فِينَا.