للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَكُلُّ مَنْ ادَّعَى " الْأَمْنَ " فَهُوَ جَاهِلٌ بِاَللَّهِ وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} وَقَدْ أَفْرَدْت كَشْفَ عَوْرَاتِ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ. وَنَعْتَقِدُ: أَنَّ الْعُبُودِيَّةَ لَا تَسْقُطُ عَنْ الْعَبْدِ مَا عَقَلَ وَعَلِمَ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ فَيَبْقَى عَلَى أَحْكَامِ الْقُوَّةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ؛ إذْ لَمْ يُسْقِطْ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ رِقِّ الْعُبُودِيَّةِ إلَى فَضَاءِ الْحُرِّيَّةِ بِإِسْقَاطِ الْعُبُودِيَّةِ وَالْخُرُوجِ إلَى أَحْكَامِ الأحدية الْمُسْدِيَةِ بِعَلَائِقِ الآخرية: فَهُوَ كَافِرٌ لَا مَحَالَةَ؛ إلَّا مَنْ اعْتَرَاهُ عِلَّةٌ أَوْ رَأْفَةٌ؛ فَصَارَ مَعْتُوهًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مبرسما وَقَدْ اخْتَلَطَ عَقْلُهُ أَوْ لَحِقَهُ غَشْيَةٌ يَرْتَفِعُ عَنْهُ بِهَا أَحْكَامُ الْعَقْلِ وَذَهَبَ عَنْهُ التَّمْيِيزُ وَالْمَعْرِفَةُ؛ فَذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ الْمِلَّةِ مُفَارِقٌ لِلشَّرِيعَةِ. وَمَنْ زَعَمَ الْإِشْرَافَ عَلَى الْخَلْقِ: يَعْلَمُ مَقَامَاتِهِمْ وَمِقْدَارَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ - بِغَيْرِ الْوَحْيِ الْمُنَزَّلِ مِنْ قَوْلِ رَسُولٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمِلَّةِ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَعْرِفُ مَآلَ الْخَلْقِ وَمُنْقَلَبَهُمْ وَعَلَى مَاذَا يَمُوتُونَ عَلَيْهِ وَيُخْتَمُ لَهُمْ - بِغَيْرِ الْوَحْيِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ وَقَوْلِ رَسُولِهِ - فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبِ مِنْ اللَّهِ. وَ " الْفِرَاسَةُ " حَقٌّ عَلَى أُصُولِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا رَسَمْنَاهُ فِي شَيْءٍ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ صِفَاتِهِ تَعَالَى بِصِفَاتِهِ - وَيُشِيرُ فِي ذَلِكَ إلَى غَيْرِ آيَةِ الْعَظَمَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالْهِدَايَةِ - وَأَشَارَ إلَى صِفَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ الْقَدِيمَةِ: فَهُوَ حُلُولِيٌّ قَائِلٌ بِاللَّاهُوتِيَّةِ وَالِالْتِحَامِ وَذَلِكَ كُفْرٌ لَا مَحَالَةَ.