الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَذْكُرَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَنْ تَفْسِيرِ " الِاسْمِ " بَعْضَ أَنْوَاعِهِ أَوْ أَعْيَانِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ لِلْمُخَاطَبِ؛ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ وَالْإِحَاطَةِ كَمَا لَوْ سَأَلَ أَعْجَمِيٌّ عَنْ مَعْنَى لَفْظِ " الْخُبْزِ " فَأُرَى رَغِيفًا وَقِيلَ هَذَا هُوَ فَذَاكَ مِثَالٌ لِلْخُبْزِ وَإِشَارَةٌ إلَى جِنْسِهِ؛ لَا إلَى ذَلِكَ الرَّغِيفِ خَاصَّةً. وَمِنْ هَذَا مَا جَاءَ عَنْهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} . فَالْقَوْلُ الْجَامِعُ أَنَّ " الظَّالِمَ لِنَفْسِهِ " هُوَ الْمُفَرِّطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ فِعْلِ مَحْظُورٍ وَ " الْمُقْتَصِدُ ": الْقَائِمُ بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ وَ " السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ ": بِمَنْزِلَةِ الْمُقَرَّبِ الَّذِي يَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ حَتَّى يُحِبَّهُ الْحَقُّ. ثُمَّ إنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَذْكُرُ نَوْعًا مِنْ هَذَا. فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: " الظَّالِمُ " الْمُؤَخِّرُ لِلصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا وَ " الْمُقْتَصِدُ " الْمُصَلِّي لَهَا فِي وَقْتِهَا وَ " السَّابِقُ " الْمُصَلِّي لَهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا حَيْثُ يَكُونُ التَّقْدِيمُ أَفْضَلَ. وَقَالَ آخَرُ: " الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ " هُوَ الْبَخِيلُ الَّذِي لَا يَصِلُ رَحِمَهُ وَلَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ وَ " الْمُقْتَصِدُ " الْقَائِمُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَقِرَى الضَّيْفِ وَالْإِعْطَاءِ فِي النَّائِبَةِ وَ " السَّابِقُ " الْفَاعِلُ الْمُسْتَحَبَّ بَعْدَ الْوَاجِبِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute