للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ يُسَمُّونَ مَذْهَبَ الْنُّفَاةِ " التَّوْحِيدَ " وَقَدْ سَمَّى صَاحِبُ الْمُرْشِدَةِ أَصْحَابَهُ الْمُوَحِّدِينَ؛ إذْ عِنْدَهُمْ مَذْهَبُ الْنُّفَاةِ هُوَ " التَّوْحِيدُ ". وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِمَذْهَبِ الْنُّفَاةِ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبِ وَلَا مُسْتَحَبٍّ؛ بَلْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ " التَّوْحِيدِ " الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ. وَإِنْ كَانَ يُحِبُّ مِنَّا مَذْهَبَ الْإِثْبَاتِ؛ وَهُوَ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ؛ فَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لَنَا.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ إثْبَاتِ " الْعُلُوِّ وَالصِّفَاتِ " أَعْظَمُ مِمَّا فِيهِمَا مِنْ إثْبَاتِ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَالصِّيَامِ وَتَحْرِيمِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ؛ وَخَبِيثِ الْمَطَاعِمِ؛ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ " الشَّرَائِعِ ". فَعَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ يَكُونُ الدِّينُ كَامِلًا وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَلِّغًا مُبَيِّنًا؛ وَالتَّوْحِيدُ عَنْ السَّلَفِ مَشْهُورًا مَعْرُوفًا. وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا؛ وَالسَّلَفُ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَطَرِيقُهُمْ أَفْضَلُ الطُّرُقِ. وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ حَقٌّ لَيْسَ فِيهِ إضْلَالٌ وَلَا دَلَّ عَلَى كُفْرٍ وَمُحَالٍ؛ بَلْ هُوَ الشِّفَاءُ وَالْهُدَى وَالنُّورُ. وَهَذِهِ كُلُّهَا لَوَازِمُ مُلْتَزَمَةٌ وَنَتَائِجُ مَقْبُولَةٌ؛ فَقَوْلُهُمْ مُؤْتَلِفٌ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ وَمَقْبُولٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ.