للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الخزاعي: مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ وَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَرَسُولُهُ تَشْبِيهًا. وَمَذْهَبُ السَّلَفِ بَيْنَ مَذْهَبَيْنِ وَهُدًى بَيْنَ ضلالتين: إثْبَاتُ الصِّفَاتِ وَنَفْيُ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقَاتِ؛ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رَدٌّ عَلَى أَهْلِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ. وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} - رَدٌّ عَلَى أَهْلِ النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ فَالْمُمَثِّلُ أَعْشَى وَالْمُعَطِّلُ أَعْمَى: الْمُمَثِّلُ يَعْبُدُ صَنَمًا وَالْمُعَطِّلُ يَعْبُدُ عَدَمًا. وَقَدْ اتَّفَقَ جَمِيعُ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ حَيٌّ حَقِيقَةً عَلِيمٌ حَقِيقَةً قَدِيرٌ حَقِيقَةً سَمِيعٌ حَقِيقَةً بَصِيرٌ حَقِيقَةً مُرِيدٌ حَقِيقَةً مُتَكَلِّمٌ حَقِيقَةً؛ حَتَّى الْمُعْتَزِلَةُ الْنُّفَاةِ لِلصِّفَاتِ قَالُوا: إنَّ اللَّهَ مُتَكَلِّمٌ حَقِيقَةً؛ كَمَا قَالُوا - مَعَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ - إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَقِيقَةً قَدِيرٌ حَقِيقَةً؛ بَلْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ كَأَبِي الْعَبَّاسِ الناشي إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ حَقِيقَةٌ لِلَّهِ مَجَازٌ لِلْخَلْقِ. وَأَمَّا جُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ مَعَ الْمُتَكَلِّمَةِ الصفاتية - مِنْ الْأَشْعَرِيَّةِ الْكُلَّابِيَة والكَرَّامِيَة والسالمية وَأَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ - فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ حَقِيقَةٌ لِلْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ وَإِنْ كَانَتْ تُطْلَقُ عَلَى خَلْقِهِ حَقِيقَةً أَيْضًا. وَيَقُولُونَ: إنَّ لَهُ عِلْمًا حَقِيقَةً وَقُدْرَةً حَقِيقَةً وَسَمْعًا حَقِيقَةً وَبَصَرًا حَقِيقَةً.