للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَقَائِقَ مُطْلَقَةً يَشْتَرِكُ فِيهَا الْأَعْيَانُ وَعَلِمَ أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّ الرَّبُّ لِنَفْسِهِ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرَهُ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ. وَأَمَّا الْمَخْلُوقُ فَقَدْ يُمَاثِلُهُ غَيْرُهُ فِي صِفَاتِهِ لَكِنْ لَا يُشْرِكُهُ فِي غَيْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْهَا وَالْأَسْمَاءُ الْمُتَوَاطِئَةُ الْمَقُولَةُ عَلَى هَذَا وَهَذَا حَقِيقَةٌ فِي هَذَا وَهَذَا. فَإِذَا كَانَتْ عَامَّةً لَهُمَا تَنَاوَلَتْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً لَمْ يَمْنَعْ تَصَوُّرُهُمَا مِنْ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً اخْتَصَّتْ بِمَحَلِّهَا. فَإِذَا قَالَ: وُجُودُ اللَّهِ وَذَاتُ اللَّهِ وَعِلْمُ اللَّهِ وَقُدْرَةُ اللَّهِ وَسَمْعُ اللَّهِ وَبَصَرُ اللَّهِ وَإِرَادَةُ اللَّهِ. وَكَلَامُ اللَّهِ؛ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَغَضَبُ اللَّهِ وَاسْتِوَاءُ اللَّهِ وَنُزُولُ اللَّهِ وَمَحَبَّةُ اللَّهِ؛ وَإِرَادَةُ اللَّهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ كُلُّهَا حَقِيقَةً لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يُمَاثِلَهُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ. وَإِذَا قَالَ: وُجُودُ الْعَبْدِ وَذَاتُهُ وَمَاهِيَّتُهُ وَعِلْمُهُ وَقُدْرَتُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَكَلَامُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ؛ وَنُزُولُهُ: كَانَ هَذَا حَقِيقَةٌ لِلْعَبْدِ مُخْتَصَّةٌ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُمَاثِلَ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. بَلْ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ مِنْ الْمَطَاعِمِ وَالْمُشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ والمناكح مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ كَمَا أَخْبَرَ أَنَّ فِيهَا لَبَنًا؛ وَعَسَلًا وَخَمْرًا وَلَحْمًا؛ وَحَرِيرًا وَذَهَبًا وَفِضَّةً وَحُورًا وَقُصُورًا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إلَّا الْأَسْمَاءُ.