بِأَمْرِ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ لَيْسَ سَبَبًا لِنَفْعِهِ. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِمُطَاعِ كَبِيرٍ: " أَسْأَلُك بِطَاعَةِ فُلَانٍ لَك وَبِحُبِّك لَهُ عَلَى طَاعَتِك وَبِجَاهِهِ عِنْدَك الَّذِي أَوْجَبَتْهُ طَاعَتُهُ لَك لَكَانَ قَدْ سَأَلَهُ بِأَمْرِ أَجْنَبِيٍّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ فَكَذَلِكَ إحْسَانُ اللَّهِ إلَى هَؤُلَاءِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَحَبَّتُهُ لَهُمْ وَتَعْظِيمُهُ لِأَقْدَارِهِمْ مَعَ عِبَادَتِهِمْ لَهُ وَطَاعَتِهِمْ إيَّاهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ إجَابَةَ دُعَاءِ مَنْ يَسْأَلُ بِهِمْ وَإِنَّمَا يُوجِبُ إجَابَةَ دُعَائِهِ بِسَبَبِ مِنْهُ لِطَاعَتِهِ لَهُمْ أَوْ سَبَبٍ مِنْهُمْ لِشَفَاعَتِهِمْ لَهُ فَإِذَا انْتَفَى هَذَا وَهَذَا فَلَا سَبَبَ.
نَعَمْ لَوْ سَأَلَ اللَّهَ بِإِيمَانِهِ بِمُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ وَطَاعَتِهِ لَهُ وَاتِّبَاعِهِ لَكَانَ قَدْ سَأَلَهُ بِسَبَبِ عَظِيمٍ يَقْتَضِي إجَابَةَ الدُّعَاءِ بَلْ هَذَا أَعْظَمُ الْأَسْبَابِ وَالْوَسَائِلِ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ أَنَّ شَفَاعَتَهُ فِي الْآخِرَةِ تَنْفَعُ أَهْلَ التَّوْحِيدِ لَا أَهْلَ الشِّرْكِ وَهِيَ مُسْتَحَقَّةٌ لِمَنْ دَعَا لَهُ بِالْوَسِيلَةِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ {إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ ذَلِكَ الْعَبْدَ. فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وَفِي الصَّحِيحِ {أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَهُ: أَيُّ النَّاسِ أَسْعَدُ بِشَفَاعَتِك يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ} . فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ كَانَ أَعْظَمَ تَوْحِيدًا وَإِخْلَاصًا لِأَنَّ التَّوْحِيدَ جِمَاعُ الدِّينِ وَاَللَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ فَإِذَا شُفِّعَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لَهُ رَبُّهُ حَدًّا فَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ وَذَلِكَ بِحَسَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute