بُرْغُوثٍ وَحَفْصٍ الْفَرْدِ وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ لَا يُحْصِيهِمْ إلَّا اللَّهُ مِنْ أَئِمَّة أَهْلِ النَّظَرِ وَالْكَلَامِ؛ فَإِنَّ مُنَاظَرَةَ هَؤُلَاءِ لِلْمُتَفَلْسِفَةِ خَيْرٌ مِنْ مُنَاظَرَةِ أُولَئِكَ. وَهَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ لِلْفَلَاسِفَةِ إمْكَانَ وُجُودِ مُمْكِنٍ لَا هُوَ جِسْمٌ وَلَا قَائِمٌ بِجِسْمِ. بَلْ قَدْ صَرَّحَ أَئِمَّتُهُمْ بِأَنَّ بُطْلَانَ هَذَا " الْقَسَمَ الثَّالِثَ " مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ بَلْ قَدْ بَيَّنَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ إمَامُ الصفاتية: كَأَبِي الْعَبَّاسِ القلانسي وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ انْحِصَارِ الْمَوْجُودَاتِ فِي الْمُبَايِنِ والمحايث وَأَنَّ قَوْلَ مَنْ أَثْبَتَ مَوْجُودًا غَيْرَ مُبَايِنٍ وَلَا محايث مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ مِثْلُ مَا بَيْنَ أُولَئِكَ انْحِصَارُ الْمُمْكِنَاتِ فِي الْأَجْسَامِ وَأَعْرَاضِهَا وَأَبْلَغُ. وَطَوَائِفُ مِنْ النُّظَّارِ قَالُوا؛ مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ إلَّا جِسْمٌ أَوْ قَائِمٌ بِجِسْمِ - إذَا فُسِّرَ الْجِسْمُ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ؛ لَا اللُّغَوِيُّ كَمَا هُوَ مُسْتَقِرٌّ فِي فِطَرِ الْعَامَّةِ. وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ وَكَذَلِكَ أَيْضًا الْأَئِمَّةُ الْكِبَارُ كَالْإِمَامِ أَحْمَد فِي رَدِّهِ عَلَى الْجَهْمِيَّة وَعَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيِّ فِي رَدِّهِ عَلَى الْجَهْمِيَّة وَغَيْرِهِمَا بَيَّنُوا أَنَّ مَا ادَّعَاهُ الْنُّفَاةِ مِنْ إثْبَاتِ قِسْمٍ ثَالِثٍ لَيْسَ بِمُبَايِنِ وَلَا محايث مَعْلُومِ الْفَسَادِ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَأَنَّ هَذِهِ مِنْ الْقَضَايَا الْبَيِّنَةِ الَّتِي يَعْلَمُهَا الْعُقَلَاءُ بِعُقُولِهِمْ وَإِثْبَاتُ لَفْظِ الْجِسْمِ وَنَفْيُهُ بِدْعَةٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ؛ كَمَا لَمْ يُثْبِتُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute