للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالثَّانِي: لَفْظٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ كَهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا أَهْلُ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ هَذَا يَقُولُ: هُوَ مُتَحَيِّزٌ. وَهَذَا يَقُولُ. لَيْسَ بِمُتَحَيِّزِ وَهَذَا يَقُولُ: هُوَ فِي جِهَةٍ. وَهَذَا يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ فِي جِهَةٍ. وَهَذَا يَقُولُ: هُوَ جِسْمٌ أَوْ جَوْهَرٌ. وَهَذَا يَقُولُ: لَيْسَ بِجِسْمِ وَلَا جَوْهَرٍ. فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يَقُولَ فِيهَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ حَتَّى يَسْتَفْسِرَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ أَثْبَتَ حَقًّا أَثْبَتَهُ وَإِنْ أَثْبَتَ بَاطِلًا رَدَّهُ وَإِنْ نَفَى بَاطِلًا نَفَاهُ وَإِنْ نَفَى حَقًّا لَمْ يَنْفِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يُجْمِعُونَ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ: فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ. فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ فِي جِهَةٍ وَأَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ دَاخِلٌ مَحْصُورٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ - كَائِنًا مَنْ كَانَ - لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ هَذَا الْإِثْبَاتُ وَهَذَا قَوْلُ الْحُلُولِيَّةِ. وَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مُبَايِنٌ لِلْمَخْلُوقَاتِ فَوْقَهَا لَمْ يُمَانَعْ فِي هَذَا الْإِثْبَاتِ؛ بَلْ هَذَا ضِدُّ قَوْلِ الْحُلُولِيَّةِ. وَمَنْ قَالَ: لَيْسَ فِي جِهَةٍ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ مُبَايِنًا لِلْعَالَمِ وَلَا فَوْقَهُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ هَذَا النَّفْيُ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْمُتَحَيِّزِ يُرَادُ بِهِ مَا أَحَاطَ بِهِ شَيْءٌ مَوْجُودٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ} وَيُرَادُ بِهِ مَا انْحَازَ عَنْ غَيْرِهِ وَبَايَنَهُ. فَمَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ مُتَحَيِّزٌ